للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التعليمُ قَبولُ الإرسالِ والإغراءِ حتَّى يمتثلَ للزجرِ في الابتداءِ لا بعدَ العدْوِ ويتركَ أَكْلَ ما أمسكَ، فالمعتبرُ امتثالُه للزجرِ قبلَ الإرسال، أما بعدَ إرسالِه على الصيدِ فذلكَ متعذَّرٌ. والتكليبُ إلهامٌ منَ اللَّهِ تعالَى ومكتسبٌ بالعقلِ كما قالَ تعالَى: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} (١). قالَ جارُ الله (٢): مما عرَّفَكُم أنْ تعلِّموهُ منِ اتباعِ الصيدِ بإرسالِ صاحبِه، وانزجارِه بزجْرِه، وانصرافِه بُدعائِه، وإمساكِ الصيدِ عليهِ، وأنْ لا يأكلَ منهُ.

المسالةُ الثانية: في قولِه: (فاذكرِ اسمَ اللَّهِ) هذا مأخوذٌ منْ قولِه تعالَى: {وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} (٣)، فإنَّ ضميرَ عليهِ [يعودُ] (٤) إلى ما أمسكْنَ على معنَى: وسمُّوا عليهِ إذا أدركتُم ذكاتَهُ، أو إلى ما علَّمتُم منَ الجوارحِ، أي سمُّوا عليهِ عندَ إرسالِه كما أفادَهُ الكشافُ (٥)، وكذلكَ قولُه: (إنْ رميتَ بسهمك فاذكرِ اسمَ اللَّهِ عليه) دليلٌ على اشتراطِ التسميةِ عندَ الرَّميِ، وظاهرُ الكتابِ والسنةِ وجوبُ التسميةِ.

واختلفَ العلماءُ في ذلك، فذهبتِ الهادويةُ والحنفيةُ إلى أنَّ التسميةَ واجبةٌ على الذاكرِ عندَ الإرسالِ ويجبُ عليهِ أيضًا عندَ الذبحِ والنحرِ فلا تحلُّ ذبيحتُه ولا صيدُه إذا تركتْ عمدًا مستدلِّينَ بقولِه تعالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (٦)، وبالحديثِ هذَا، قالُوا: وعُفِيَ عن الناسي لحديثِ: "رُفِعَ عنْ أمتي الخطأُ والنسيانُ" (٧)،


(١) سورة المائدة: الآية ٤.
(٢) الزمخشري في "تفسير الكشاف" (١/ ٣٢٣).
(٣) سورة المائدة: الآية ٤.
(٤) في (ب): "وفيه".
(٥) أي الزمخشري في "الكشاف" (١/ ٣٢٤).
(٦) سورة الأنعام: الآية ١٢١.
(٧) وهو حديث صحيح.
أخرجه ابن ماجه (٢٠٤٥)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٣/ ٩٥)، والطبراني في "الكبير" (١١/ ١٣٣ رقم ١١٢٧٤)، وابن حبان (رقم ١٤٩٨ - موارد)، والدارقطني (٤/ ١٧٠ رقم ٣٣)، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ١٩٨)، والبيهقي (٧/ ٣٥٦).
عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن اللَّهَ وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"، وفي لفظ: "تجاوز الله لي عن أمتي الخطأ والنسيان"، الحديث. وفي لفظٍ آخر: "إن الله عز وجل تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان"، الحديث.=