للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للخيلِ، (وعمرُ يحلفُ بأبيهِ، فناداهمُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ألا إنَّ اللَّهَ ينْهاكم أن تحلفُوا بآبائِكم، فمنْ كانَ حالِفًا فليحلفْ باللَّهِ)، ليسَ المرادُ أنهُ لا يحلفُ إلا بهذَا اللفظِ بدليلِ أنهُ كانَ يحلفُ بغيرِه نحوَ: "مقلِّبِ القلوبِ" كما [سيأتي (١)] (٢)، (أوْ ليصمُتْ) بضمِّ الميمِ مثلَ قتلَ يقتُلُ (متفقٌ عليهِ).

٢/ ١٢٨١ - وَفي رِوَايَةٍ لأَبي دَاوُدَ (٣) وَالنَّسَائِيِّ (٤) عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - مَرْفُوعًا: "لَا تَحلِفُوا بِابَائِكُمْ، وَلَا بِأمهَاتِكُمْ، وَلَا بِالأَنْدَادِ، وَلَا تَحْلِفُوا بِاللهِ إِلَّا وَأَنْتُم صَادِقُونَ". [صحيح]

(وفي روايةٍ لأبي داودَ، والنسائيِّ عن أبي هريرةَ مرفُوعًا: لا تحلفُوا بآبائِكم، ولا بأمهاتِكم، ولا بالأندادِ). الندُّ بكسرِ أولهِ المِثْلُ، والمرادُ هنا أصنامُهم وأوثانُهم التي جعلُوها للَّهِ (تعالَى) أمثالًا لعبادتِهم إيَّاها وحَلِفِهِمْ بها، نحوَ قولِهِم: واللاتِ والعُزَّى، (ولا تحلفُوا باللهِ إلا وأنتُم صادقونَ). الحديثانِ [دليلان] (٥) على النَّهْي عن الحلفِ بغيرِ اللهِ تعالَى، وهوَ للتحريمِ كما هوَ أصلُه، وبهِ قالتِ الحنابلةُ والظاهريةُ (٦).

قالَ ابنُ عبدِ البرِّ (٧): لا يجوزُ الحلفُ بغيرِ اللهِ تعالَى بالإجماعِ. وفي روايةٍ عنهُ: أن اليمينَ بغيرِ اللهِ مكروهةُ مَنْهِيٌّ عنْها لا يجوزُ لأحدِ الحلفُ بها. وقولُه: لا يجوزُ، بيانُ أنهُ أرادَ بالكراهةِ التحريمَ كما صرَّحَ بهِ أولًا، وقالَ الماورديُ: لا يجوزُ لأحدٍ أنْ يحلِّفَ بغيرِ اللهِ (تعالَى) لا بطلاقٍ، ولا [بعتاق] (٨)، ولا نذرٍ، وإذا حلَّفَ الحاكمُ أحدًا بذلكَ وجبَ عزلُه. وعندَ جمهورِ الشافعيةِ، والمشهورُ عن المالكيةِ أنهُ للكراهةِ، ومثلُه للهادويةِ ما لم يسوِّ في التعظيمِ.


(١) برقم (٦/ ١٢٨٥) من كتابنا هذا.
(٢) في (ب): "يأتي".
(٣) في "السنن" (٣٢٤٨).
(٤) في "السنن" (٣٧٦٩).
قلت: وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٩)، وابن حبان (رقم ١١٧٦ - موارد) وهو حديث صحيح.
(٥) في (ب): "دليل".
(٦) انظر: "المحلَّى" (٨/ ٣٠، ٣١).
(٧) في "الاستذكار" (١٥/ ٩٥ رقم ٢١١٤٥).
(٨) في (ب): "عتاق".