للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالَ الترمذيُّ (١): لا نعلمُ أحدًا رفعَه غيرَ أيوبَ السختيانيِّ، قالَ ابنُ عليةَ: كانَ أيوبُ يرفعهُ تارةً وتارةً لا يرفعُه.

قالَ البيهقيُّ: لا يصحُّ رفْعُه إلا عنْ أيوبَ معَ أنهُ شكَّ فيهِ.

قلتُ: كأنهُ يريدُ أنهُ رفعهُ تارةً ووقفَهُ أُخْرى، ولا يخْفَى أن أيوبَ ثقةٌ حافظٌ لا يضرُّ تفردُه برفعِه، وكونُهُ وقفَه تارةً لا يقدحُ فيهِ، لأنَّ رفعَهُ زيادةُ عدلٍ مقبولةٌ، وقدْ رفعهُ عبدُ اللهِ العمريُّ، وموسى بنُ عقبةَ، وكثيرُ بنُ فرقدٍ، [وأيوبُ بنُ موسَى] (٢)، وحسانُ بنُ عطيةَ كلُّهم عنْ نافعٍ مرفوعًا، [فقويَ] (٣) رفْعُه على أنهُ وإنْ كانَ موقُوفًا فلهُ حكمُ الرفعِ؛ إذْ لا مسرحَ للاجتهادِ فيهِ. وإلى ما أفادَه الحديثُ ذهبَ الجماهيرُ، وقالَ ابنُ العربي (٤): أجمعَ المسلمونَ بأنَّ قولَه: إنْ شاءَ اللهُ، يمنعُ انعقادَ اليمينِ بشرطِ كونِه متصلًا. قالَ: ولو جازَ منفصِلًا كما [قالَ] (٥) بعضُ السلفِ لم يحنثْ أحدٌ في يمينٍ ولم يحتجْ إلى [الكفارةِ] (٦). واختلفُوا في زمنِ الاتصالِ.

فقالَ الجمهورُ: هوَ أنْ يقولَ إنْ شاءَ اللهُ متصلًا باليمينِ من غيرِ سكوتٍ بينَهما [ولا يضرُّه التنفسُ] (٧).

قلتُ: وهذَا هوَ الذي تدلُّ لهُ الفاءُ في قولِه: "فقالَ". وعنْ طاوسٍ والحسنِ وجماعةٍ منَ التابعينَ أن لهُ الاستثناءَ ما لم يقمْ منْ مجلسِه، [وقال عطاءٌ] (٨): قدْرَ حلبةِ الناقةِ.

وقالَ سعيدُ بنُ جبيرٍ: بعدَ أربعةَ أشهرٍ، وقالَ ابنُ عباسٍ لهُ الاستثناءُ أبدًا حتى يذكرهُ.

قلتُ: وهذهِ تقاديرُ خاليةٌ عن الدليلِ. وقدْ تأوَّلَ بعضُهم هذهِ الأقاويلَ بأنَّ مرادَهم أنهُ يستحبُّ لهُ أنْ يقولَ إنْ شاءَ اللهُ تبرّكًا أو وجوبًا كما ذهبَ إليهِ بعضُهم


(١) في السنن (٤/ ١٠٨).
(٢) زيادة من (ب).
(٣) في (أ): "يقوي".
(٤) في "عارضة الأحوذي" (٧/ ١٣).
(٥) في (أ): "زعم".
(٦) في (أ): "كفارة".
(٧) في (أ): "ولا يضر النفس".
(٨) زيادة من (ب).