للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والرابعُ: ما يدلُّ على سلبِ شيءٍ عنهُ كالعليِّ والقدُّوسِ، واختلفَ العلماءُ أيضًا هلْ هيَ توقيفيةٌ بمعنى أنهُ لا يجوزُ لأحدِ أنْ يشتقَ منَ الأفعالِ الثابتةِ للهِ تعالى اسمًا بلْ لا يطلقُ عليهِ إلا ما وردَ بهِ نصُّ الكتابِ والسنةِ، فقالَ الفخرُ الرازيُّ (١): المشهورُ عنْ أصحابِنا أنها توقيفيةٌ.

وقالتِ المعتزلةُ والكرَّاميةُ: إذا دل العقلُ على أن معنَى اللفظِ ثابتٌ في حقّ اللَّهِ تعالَى جازَ إطلاقُه على اللَّهِ تعالَى.

وقالَ القاضي أبو بكرٍ (٢) والغزاليُّ: الأسماءُ توقيفيةٌ دونَ الصفاتِ كما قالَ الغزاليُّ: كما أنهُ ليسَ لنا أن نسمِّيَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - باسمٍ لم يسمِّهِ بهِ أبوهُ ولا أمهُ، ولا سمَّى بهِ نفسَه، كذلكَ في حق اللَّهِ تعالَى. واتفقُوا علَى أنهُ لا يجوزُ أنْ يطلقَ عليهِ تعالَى اسمٌ أو صفةٌ توهِم نَقْصًا فلا يقالُ: ماهدٌ، ولا زارعٌ، ولا فالقٌ، وإنْ جاءَ في القرآنِ: {فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} {أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} {فَالِقُ الْحَبِّ} (٣) ولا يقالُ ماكرٌ ولا بنَّاءٌ وإنْ وردَ: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ}، {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا} (٤).

وقال القشيريُّ: الأسماءُ تُوخَذُ [توقيفًا] (٥) منَ الكتابِ والسنةِ والإجماعِ، فكلُّ اسمٍ وردَ فيها وجبَ إطلاقُه في وصْفِه، وما لمْ يردْ لم يجزْ ولو صحَّ معناهُ. وقدْ أوضحْنا هذا البحثَ في كتابِنا "إيقاظُ الفكرةِ" (٦).


(١) في كتابه: "شرح أسماء اللهِ الحسنى" وهو المسمَّى: "لوامعُ البينات شرح أسماء اللهِ تعالى والصفات" (ص ٤٠).
(٢) وهو أبو بكر الباقلاني، واسمه محمد بن الطيب. متكلِّم فقيه ولد بالبصرة ومات ببغداد سنة (١٠١٣) من أكبر دعاة المذهب الأشعري.
(٣) سورة الأنعام: الآية ٩٥.
(٤) سورة الذاريات: الآية ٤٧.
(٥) في (أ): "توقيفٌ".
(٦) وهو: "إيقاظ الفكرة لمراجعة الفطرة "تأليف الأمير الصنعاني. والموجود منه: المقدمة والبحث الأول في الأسماء والصفات الإلهية، والبحث الثاني في الحكمة، والبحث الثالث في التحسين والتقبيح، والبحث الرابع في مسألة خلق الأفعال، والبحث الخامس في القضاء والقدر، والبحث السادس في الرجاء.
والذي فات البدر الكلام في بقية البدث السادس والبحث السابع والبحث الثامن والخاتمة. لأنه ذكر أن المقصود انحصر في ثمانية أبحاث وخاتمة.
قلت: هذا ما وجدته على صفحة عنوان المخطوط الذي قمت بتحقيقه ولله الحمد والمنة. ط: دار ابن حزم - بيروت. =