للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أورقَ، فقالَ اليهوديُّ: درعي وفي يدي، ثمَّ قالَ اليهوديُّ: بيني وبينَك قاضي المسلمينَ، فأتَوا شُرَيْحًا، فلمَّا رأى عليًا عليه السلام قد أقبلَ تحرفَ عنْ موضعِه وجلسَ عليٌّ فيهِ ثمَّ قالَ عليٌّ: لو كانَ خصمي منَ المسلمينَ لساويتُه في المجلس لكنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "لا تساووهم في المجلسِ"، [وساق الحديثَ] (١).

قالَ شريحٌ: ما تشاءُ يا أميرَ المؤمنينَ؟ قالَ: درعي سقطَ عنْ جملٍ لي أورقَ فالتقطَها هذا اليهوديُّ. قالَ شريحٌ: ما تقولُ يا يهوديُّ؟ قالَ: درعي وفي يدي، قال شريحٌ: صدقتَ واللَّه يا أميرَ المؤمنينَ إنَّها لَدِرْعُكَ، ولكنْ لا بدَّ لكَ منْ شاهدينِ فدعا قنبرًا والحسنَ بنَ عليّ عليهما الصلاة والسلام وشهدا أنها لَدِرْعُهُ. فقال شريحٌ: أما شهادةُ مولاكَ فقد أَجَزْنَاهَا. وأما شهادةُ ابنِكَ لك فلا نجيزُها، فقال عليٌّ عليه السلام: ثكلتكَ أمكَ، أما سمعتَ عمرَ بنَ الخطابِ يقولُ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الحسنُ والحسينُ سيِّدا شباب أهلِ الجنةِ"؟ قالَ: اللَّهمَّ نعمْ، قالَ: أفلا تجيزُ شهادةَ سيدِ شبابِ أهلِ الجنةِ؟ ثمَّ قالَ [لليهوديِّ] (٢): خذِ الدرعَ. فقالَ اليهوديُّ: أميرُ المؤمنينَ جاءَ معي إلى قاضي المسلمينَ فقضَى لي، ورَضِيَ. صدقتَ واللهِ يا أميرَ المؤمنينَ إنها لدرعكَ، سقطتْ عن جملِ لكَ التقطتُها، أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، فوهَبَها لهُ عليٌّ عليه السلام وأجازَهُ بتسعمائةٍ، وقُتِلَ معهُ يومَ صِفِّينَ: اهـ".

وقولُ شريحٍ: [واللَّهِ] (٣) إنها لدرعكَ كأنهُ عرفَها، ويعلمُ أنها درعُه لكنَّه لا يرى الحكمَ بعلمِه كما أنهُ لا يَرَى شهادةً الولدِ لأبيهِ، فانظرْ ما أَبْرَكَ العملَ بالحقِّ منَ الحاكمِ والمحكومِ عليهِ، وما آلَ إليهِ منَ الخيرِ للمدَّعى عليهِ.

* * *


(١) زيادة من (أ).
(٢) في (أ): "اليهودي".
(٣) زيادة من (ب).