للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: أنهُ [يتعدَّى] (١) هذا الجمعُ ما أخرجَهُ الطبرانيُّ (٢) والبيهقيُّ (٣) منْ حديثِ رجلٍ منْ بني عذرةَ: "أن رجلًا منْهم أعتقَ مملوكًا لهُ عندَ موتهِ، وليسَ لهُ مالٌ غيرهُ، فأعتقَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُلُثَهُ وأمرهُ أنْ يسعَى في الثلُثينِ".

قلت: قدْ يقولُ منِ اختارَ هذا [الوجْهَ (٤) منَ] الجمعِ أن المرادَ منْ أمْرهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يسعَى في الثلثينِ يسعَى علَى مواليهِ بقدرِ ثلثي رقبتهِ منَ الخدمةِ، لأنهُ الذي بقيَ رقًّا لهُم. وإيضاحُ الجمعِ بينَ الأحاديثِ أن قولَه - صلى الله عليه وسلم -: "لا شريكَ للهِ" فيما إذا كانَ مالكُ الشقصِ غنيًا فهوَ في حُكْمِ المالكينِ فيعتقُ العبدَ كلَّه، ويسلِّمُ قيمةَ [حصة شركائه] (٥)، ويحملُ حديثُ السعايةِ على ما إذا كانَ العبدُ قادِرًا عليها كما يرشدُ إليه قولُه - صلى الله عليه وسلم -: غيرَ مشقوقٍ عليه ويحمل حديثُ: "وإلَّا فقدْ عتقَ منهُ ما عتقَ" على ما إذا كانَ المعتِقُ فقيرًا، والعبدُ لا قدرةَ لهُ على السِّعاية، واعلمْ أن هذا كلَّه فيما إذا كانَ المعتِقُ يملكُ بعضَ العبدِ، وأما إذا كانَ يملكُه كلَّه فأعتقَ بعضَه فجمهورُ العلماءِ يقولونَ: يُعتقُ كلُّه. وقالَ أبو حنيفةَ [والظاهرية] (٦): يعتقُ منهُ ذلكَ القدرِ الذي عتقَ، ويسعَى في الباقي، وهوَ قولُ طاوسٍ وحمادٍ. وحجةُ الأوَّليْنَ حديثُ أبي المليحِ وغيرُه، والقياس على عتقِ الشقصِ؛ فإنهُ إذا سَرَى إلى ملكِ الشريكِ فبالأَوْلَى إذا لم يكن شريكٌ. وحجةُ الآخرينَ أن السببَ في حقِّ الشريكِ هوَ ما [يدخله] (٧) علَى شريكِه [من الضَّرَر] (٨)، فإذا كانَ العبدُ لهُ جميعهُ لم يكنْ ضررٌ فلا قياسَ، ولا يخْفَى أنهُ رأي في مقابلةِ النصِّ.


(١) في (ب): "يبعد".
(٢) في "الأوسط" (٢/ ٣٢٤ رقم ٢١١١).
(٣) في "السنن الكبرى" (٤/ ١٧٨).
قلت: وأخرجه مسلم (٣/ ٧٨، ٧٩، ٥/ ٩٧) ولم يسق لفظه. وأبو داود رقم (٣٩٥٧)، وأحمد (٣/ ٣٠٥، ٣٦٩)، والنسائي (١/ ٣٥٣ و ٢/ ٢٣٠) كلهم عن جابر.
وهو حديث صحيح.
انظر: "الإرواء (٣/ ٣١٥ رقم ٨٣٣).
(٤) زيادة من (ب).
(٥) في (ب): "ما هو لشركائه".
(٦) في (ب): "وأهل الظاهر".
(٧) في (ب): "يدخل".
(٨) في (ب): "بالضرر".