للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأعمارِ". وأخرجَ أبو يَعْلَى (١) منْ حديثٍ أنسٍ مرفُوعًا: "إنَّ الصدقةَ وصلةَ الرحمِ يزيدُ اللَّهُ بهما في العمرِ، ويدفعُ بهما مِيْتَةَ السوء"، وفي سندهِ ضعفٌ. قالَ ابنُ التينِ (٢): ظاهرُ الحديثِ أي حديثٍ البخاريِّ معارِضٌ لقولِه تعالَى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} (٣) قالَ: والجمعُ بينَهما منْ وجهينِ: أحدِهما أن الزيادةَ كنايةٌ عن البركةِ في العمرِ بسببِ التوفيقِ للطاعةِ، وعمارةِ وقتهِ بما ينفعُه في الآخرةِ، وصيانتِهِ عن تضييعِه في غيرِ ذلكَ، ومثلُ هذا ما جاءَ [أَنَّ] (٤) النَّبيَّ (٥) - صلى الله عليه وسلم - تقاصرَ أعمارَ أمتهِ بالنسبةِ إلى منْ مضى منَ الأممِ، فأعطاهُ اللَّهُ ليلةَ القدرِ. وحاصلهُ أن صلةَ الرحمِ تكونُ سببًا للتوفيقِ للطاعةِ، والصيانةِ عن المعصيةِ، فيبقَى بعدهَ الذكر الجميلُ فكأنهُ لم يمتْ. ومنْ جملةِ ما يحصلُ لهُ منَ التوفيقِ العلمُ الذي ينتفعُ بهِ مَنْ بعدَه بتأليفٍ ونحوِه، والصدقةُ الجاريةُ عليهِ، والخلفُ الصالحُ. وثانيهمَا: أن الزيادةَ على حقيقتِها، وذلكَ بالنسبةِ إلى علمِ الملكِ الموكَّلِ بالعمرِ، والذي في الآيةِ بالنسبةِ إلى علمِ اللَّهِ كأن يُقالَ للملَكِ مثلًا: إنَّ عمُرَ فُلانِ مِائةٌ إنْ


(١) في المسند رقم (١٣٤٩/ ٤١٠٤) بإسناد ضعيف جدًّا لضعف صالحٍ بن بشير المري ولضعف يزيد بن أبان الرقاشي.
• وأورده الهيثمي في "المجمع" (١٥١): وقال رواه أبو يعلى وفيه صالح المري وهو ضعيف.
(٢) ذكره الحافظ في الفتح (١٠/ ٤١٦).
(٣) سورة الأعراف: الآية ٣٤.
(٤) في (أ): "عن".
(٥) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٣٢١ رقم ١٥).
• قال الزرقاني في "شرح الموطأ" (٢/ ٢١٨، ٢١٩): "قال ابن عبد البر: هذا أحد الأحاديث الأربعة التي لا توجد في غير الموطأ لا مسندًا ولا مرسلًا … وليس منها حديث منكر، وما لا يدفعه أصل. قال السيوطى: ولهذا شواهد من حيث المعنى مرسلة. وذكر له شاهدين.
أحدهما: عن علي بن عروة مرسلًا.
والثاني: عن مجاهد مرسلًا أيضًا.
• وقال الباجي في "المنتقى" (٢/ ٨٩): يحتمل أن يريد أنه رأى أعمار سائر الأمم أطول فخاف أن لا تبلغ أمته من العمل في قصر أعمارها ما بلغه غيرها من الأمم في طول أعمارها فتفضل الله تبارك وتعالى على هذه الأمة بليلة القدر وهي تقتضي اختصاص هذه الأمة بهذه الليلة" اهـ.