للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في قوله لأخيهِ أو لجارهِ، ووقعَ في البخاريِّ لأخيهِ بغيرِ شكٍّ. الحديثُ دليلٌ على عِظَم حقِّ الجارِ والأخِ، وفيه نفيُ الإيمانِ عمنْ لا يحبُّ لهما ما يحبُّ لنفسِه. وتأوَّله العلماءُ بأنَّ المرادَ نفُي كمالِ الإيمانِ [عمن لا يحب لهما] (١)، إذْ قدْ عُلِمَ منْ قواعد [الشريعةِ] (٢) أن مَنْ لم يتصفْ بذلكَ [لا يخرجُ] (٣) عن الإيمانِ، وأطلقَ المحبوبَ، ولم يعيِّنْ. وقدْ عيَّنه ما في روايةِ النسائيِّ (٤) في هذا الحديثِ بلفظِ: "حتَّى يحبَّ لأخيهِ منَ الخيرِ ما يحبُّ لنفسهِ"، قالَ العلماءُ: والمرادُ: منَ الطاعاتِ والأمورِ المباحةِ. قالَ ابنُ الصلاحِ: وهذا قدْ يعدُّ منَ الصعبِ الممتنعِ، وليسَ كذلكَ؛ إذْ معناهُ لا يكملُ إيمانُ أحدكم حتى يحبَّ لأخيهِ في الإسلامِ ما يحبُّ لنفسِه مِنَ الخيرِ، والقيامُ بذلكَ يحصلُ بِأنْ يحبَّ لهُ مثلَ حصولِ ذلك منْ جهةٍ لا يزاحمُه فيها، بحيثُ لا تنقصُ النعمةُ على أخيه شيئًا منَ النعمةِ عليهِ، وذلك [سهلٌ] (٥) على القلبِ السليمِ، وإنَّما يعسرُ على القلبِ الدغلِ. عافانا اللهُ وإخوانَنا أجمعينَ. اهـ. هذا على روايةِ الأخِ. وروايةُ الجارِ عامةٌ للمسلمِ، والكافرِ، [والفاسقِ] (٦)، والصديقِ، والعدوِّ، والقريبِ، والأجنبيِّ، والأقربِ جِوارًا والأبعدِ، فمنِ اجتمعتْ فيهِ الصفاتُ الموجبةُ لمحبةِ الخيرِ لهُ فهوَ في أعلى المراتبِ، ومَنْ كانَ فيهِ أكثرُها فهوَ لاحقٌ بهِ وهلمَّ جرًّا إلى الخصلةِ الواحدةِ، فيعطَى كلُّ ذي حق حقه بحسبِ حالِه. وقد أخرجَ الطبراني (٧) منْ حديثِ جابرٍ: "الجيرانُ ثلاثةٌ: جارٌ لهُ حق وهوَ المشركُ لهُ حق الجوارِ، وجارٌ لهُ حقانِ وهوَ المسلمُ لهُ حقُّ الجوارِ، وحقُّ الإسلامِ، وجارٌ لهُ ثلاثةُ حقوقٍ جارٌ [مسلمٌ] (٨) له رحمٌ، لهُ حقُّ الإسلامِ، والرحمِ، والجوارِ". وأخرجَ البخاريُّ في الأدبِ المفردِ (٩) والترمذي، وحسنه عن عبد اللهِ بن عمرو أنه ذبحَ شاةً فأهدَى منها لجارهِ


(١) زيادة من (أ).
(٢) في (أ): "الشرع".
(٣) في (أ): "لا يخرجه".
(٤) في "السنن" (٨/ ١١٥ رقم ٥٠١٨).
(٥) في (أ): "يسهل".
(٦) زيادة من (ب).
(٧) رواه البزار عن شيخه عبد الله بن محمد الحارثي وهو وضاع - كما في "مجمع الزوائد" (٨/ ١٦٤).
(٨) زيادة من (ب).
(٩) رقم (١٠٥). =