للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اليهوديِّ. فإنْ كانَ الجارُ أخًا أحبَّ لهُ ما يحبُّ لنفسِه، وإنْ كانَ كافرًا أحب لهُ الدخولَ في [الإسلام أولًا] (١) معَ ما يحب لنفسه [مَنْ المنافعِ بشرطِ الإيمانِ] (٢). قال الشيخُ محمدُ بنُ أبي جمرةَ (٣): حفظُ حقِّ الجارِ منْ [كمالِ] (٤) الإيمانِ، والإضرارُ بهِ منَ الكبائرِ لقولِه - صلى الله عليه وسلم -: "منْ كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فلا يؤذي جارهَ" (٥). قالَ: ويفترقُ [الحالُ] (٦) في ذلكَ بالنسبةِ إلى الجارِ الصالحِ وغيرِهِ. والذي يشملُ الجميعَ إرادةُ الخيرِ، وموعظتُه بالحسنَى، والدعاءُ له بالهدايةِ، وتركُ الإضرارِ لهُ إلا في الموضعِ الذي يحلُّ لهُ الإضرارُ به بالقولِ والفعلِ. والذي يخصُّ الصالحَ هوَ جميعُ ما تقدَّمَ وغيرُ الصالحِ كفُّه عن الأذَى، وأمرهُ بالحسنَى على حسبِ مراتبِ الأمرِ بالمعروف والنَّهي عن المنكرِ. والكافرُ يعرضُ الإسلام عليهِ والترغيبُ فيهِ برفقٍ، والفاسقُ يعظُه بما يناسبُه بالرفقِ، ويسترُ عليهِ زَللَه، وينهاهُ بالرفقِ فإن نفعَ وإلا هجرهُ قاصِدًا التأديب بذلكَ معَ إعلامِه بالسببِ ليكفَّ. ويقدِّمُ عندَ التعارضِ مَنْ كانَ أقربَ إليهِ بابًا كما في حديثِ عائشةَ: "قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ إن لي جاريْنِ، فإلى أيّهما أُهدي؟ قالَ: إلى أقربهما بابًا" أخرَجهُ البخاريُّ (٧). والحكمةُ فيهِ أن الأقربَ بابًا يرى ما يدخلُ بيتَ جارهِ منْ هديةٍ وغيرَها، فيتشوَّفُ إليها بخلافِ الأبعدِ. وتقدَّمَ أن حدَّ الجارِ (٨) أربعونَ دارًا منْ كلِّ جهةٍ، وجاءَ عن عليٍّ عليهِ السلامُ (٩): "منْ سمعَ النداءَ فهوَ جارٌ"، وقيلَ (٩): منْ صلَّى معكَ صلاةَ الصبحِ في المسجدِ فهوَ جارٌ.


= قلت: وأخرجه أبو داود رقم (٥١٥٢)، والترمذي رقم (١٩٤٣).
وقال: هذا حديث حسن غريب. وهو حديث صحيح.
(١) في (ب): "الإيمان".
(٢) زيادة من (ب).
(٣) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٤٤٢).
(٤) في (أ): "إكمال".
(٥) أخرجه البخاري رقم (٦٠١٨)، ومسلم رقم (٧٥/ ٤٧).
وأبو داود رقم (٥١٥٤) من حديث أبي هريرة.
(٦) في (أ): "الجار".
(٧) في "صحيحه" رقم (٦٠٢٠). قلت: وأخرجه أبو داود رقم (٥١٥٥).
(٨) أخرجه البخاري في الأدب المفرد رقم (١٠٩ ث ٣١) عن الحسن بإسناد حسن.
(٩) ذكر ذلك الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٤٤٧).