للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذلكَ منْ حديثِ ابنِ عباسٍ (١)، لأنَّ اللهُ سمَّاهُم رسلًا. وأما المؤمنونَ فقالتْ طائفةٌ: لا تجوزُ استقلالًا، وتجوزُ تِبْعًا فيما وردَ بهِ النصُّ كالآلِ والأزواجِ والذريةِ، ولم يذكرْ في النصِّ غيرَهم، فيكونُ ذلكَ خاصًا، ولا يقاسُ عليهمُ الصحابةُ ولا غيرُهم، وقدْ بيَّنا أنهُ يدْعَى للصحابةِ ونحوِهم بما ذكره اللهُ تعالى منْ أنهُ رضيَ عنْهم وبالمغفرةِ كما أمرَ بها رسولُه في قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} (٢). وأما الصلاةُ عليهمْ استقلالًا فلم تردْ، والمسألةُ فيها خلافٌ معروفٌ، فقالَ بجوازِه البخاريُّ (٣)، ووردتْ أحاديثُ بأنهُ -صلى الله عليه وسلم- صلَّى على آلِ سعدِ بنِ عبادةَ. [كما] (٤) أخرجَهُ أبو داودٍ (٥)، والنسائيُّ (٦)، بسندٍ جيِّدٍ، ووردَ أنهُ -صلى الله عليه وسلم- (٧) صلَّى على آلِ أبي أَوْفَى، فمنْ قالَ بجوازِها استقلالًا على سائِرِ المؤمنينَ فهذَا دليلُه. ومِنْ أدلَّتهِ أنَّ اللَّهَ تعالَى قالَ: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} (٨)، ومَنْ منعَ قالَ: هذا وردَ منَ اللَّهِ ومِنْ رسولِه -صلى الله عليه وسلم- ولم يردِ الإذنُ لنا. وقالَ ابنُ القيِّم (٩): يُصَلَّى على غيرِ الأنبياءِ والملائكةِ، وأزواجِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وذريَّتِهِ، وأهلِ طاعتِه على سبيلِ الإجمالِ، ويُكْرَهُ في غيرِ الأنبياءِ لشخصٍ مفردٍ بحيثُ يصيرُ شِعَارًا، لا سيَّما إذا تركَ في حقِّ مِثله أو أفضلَ منهُ كما تفعلُه الرافضةُ، فلو اتفقَ وقوعُ ذلكَ مفردًا في بعضِ الأحايينِ منْ غيرِ أنْ يتخذَ شعارًا لم يكنْ فيهِ بأسٌ. اختلفُوا أيضًا في السلامِ على غيرِ الأنبياءِ بعدَ الاتفاقِ على مشروعيتِه في تحيةِ الحيِّ فقيلَ: يُشْرَعُ مُطْلَقًا، وقيلَ: تِبْعًا، ولَا يفردُ بواحدٍ لكونِه صارَ شِعَارًا للرافضةِ. ونقلَه النوويُّ (١٠) عنِ [الشيخ محمدٍ] (١١) الجوينيِّ.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة فى "مصنفه" (٢/ ٥١٩).
(٢) سورة محمد: الآية ١٩.
(٣) ذكره ابن حجر في "الفتح" (١١/ ١٧٠ - ١٧١).
(٤) زيادة من (أ).
(٥) لم أعثر عليه.
(٦) لم أعثر عليه.
(٧) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (٦٢٥٩).
وأبو داود في "السنن" رقم (١٥٩٠)، والنسائي (٥/ ٣٠ رقم ٢٤٥٩).
(٨) سورة الأحزاب: الآية ٤٣.
(٩) ذكره ابن حجر في "الفتح" (١١/ ١٧٠).
(١٠) في "الأذكار" (٢٠٩ - ٢١١)، وذكره ابن حجر في "الفتح" (١١/ ١٧٠ - ١٧١).
(١١) زيادة من (ب).