للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"أنهُ رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجتهُ مستقبلًا لبيتِ المقدسِ مستدبرًا للكعبةِ"، متفقٌ عليهِ (١). وحديثُ عائشةَ: "فحوِّلوا مِقْعَدَتِي إلى القبلةِ"، [المرادُ بمقعدتهِ ما كانَ يقعدُ عليهِ حالَ قضاءِ حاجتهِ إلى القبلة] (٢)، رواهُ أحمدُ (٣)، وابنُ ماجه (٤)، وإسنادُهُ حسنٌ.

وأولُ الحديثِ أنهُ ذُكِرَ عندَ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قومٌ يكرهونَ أنْ يستقبِلُوا بفروجِهِم القبلةَ قال: "أراهمْ قدْ فعلُوا، استقْبلُوا بِمَقْعَدَتي القِبْلَةَ"؛ هذا لفظُ ابن ماجه. وقالَ الذهبيُّ في "الميزانِ" (٥) في ترجمةِ خالدِ بن أبى الصلتِ: هذا الحديث منكرٌ.

الثاني: أنهُ محرَّمٌ فيهمَا؛ لظاهرِ أحاديثِ النهي. والأحاديثُ التي جعلتْ قرينةً على أنهُ للتنزيهِ محمولةٌ على أنَّها كانتْ لعذرٍ؛ ولأنَّها حكايةُ فعلٍ لا عمومَ لها.

الثالث: أنهُ مباحٌ فيهما. قالُوا: وأحاديثُ النهي منسوخةٌ بأحاديثِ الإباحةِ؛ لأنَّ فيها التقييدَ بقبلِ عامٍ ونحوِه، واستقواهُ في الشرح.

الرابعُ: يحرمُ في الصحاري دونَ العمرانِ؛ لأنَّ أحاديثَ الإباحةِ وردتْ في العمران فحُمِلتْ عليهِ، وأحاديثُ النهي عامةٌ. وبعدَ تخصيصِ العمرانِ بأحاديثِ فعلِهِ التي سلفتْ، بقيتِ الصحاري على التحريمِ. وقدْ قالَ ابنُ عمرَ: إنما نُهِي عنْ ذلكَ في الفضاءِ، فإذَا كانَ بينَك وبينَ القبلةِ شيءٌ يَسْتُرُكَ فلا بأسَ بهِ. رواهُ أبو داودَ (٦) وغيرهُ. وهذا القولُ ليسَ بالبعيدِ؛ لبقاءِ أحاديثِ النهي على بابِها، وأحاديثُ الإباحةِ كذلك.


= شرط مسلم" ويوافقه الذهبي في كل ذلك. فتنبَّه.
وخلاصة القول: أن الحديث حسن.
(١) البخاري (١/ ٢٤٦ رقم ١٤٥)، ومسلم (١/ ٢٢٤ رقم ٦١/ ٢٦٦).
قلت: وأخرجه أحمد (٢/ ١٢)، وأبو داود (١/ ٢١ رقم ١٢)، والترمذي (١/ ١٦ رقم ١١)، والنسائي (١/ ٢٣ - ٢٤)، وابن ماجه (١/ ١١٦ رقم ٣٢٢).
(٢) زيادة من النسخة (ب).
(٣) في "المسند" (٦/ ١٣٧، ٢١٩).
(٤) في "السنن" (١٠/ ١١٧ رقم ٣٢٤) من حديث عائشة.
وهو حديث منكر. تكلَّم عليه الألباني في "الضعيفة" (٢/ ٣٥٤ رقم ٩٤٧) فأجاد وأفاد، فانظره إن شئت.
(٥) (١/ ٦٣٢ رقم ٢٤٣٢).
(٦) في "السنن" (١/ ٢٠ رقم ١١) من حديث ابن عمر، وهو حديث حسن.