للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهي بسينٍ مهملةٍ، وراءٍ مضمومةٍ أو مفتوحةٍ: مَجْرَى الحَدَثِ مِنَ الدبرِ.

وللعلماءِ خلافٌ في الاستنجاءِ بالحجارةِ: فالهادويةُ أنهُ لا يجبُ الاستنجاءُ إلَّا على المتيممِ، أوْ من خَشيَ تعدِّي الرطوبةِ ولم تزلِ النجاسةُ بالماءِ، وفي غيرِ هذهِ الحالةِ مندوبٌ لا واجبٌ، وإنما يجبُ الاستنجاءُ بالماءِ للصلاةِ. وذهبَ الشافعيُّ إلى أنهُ مخيَّرٌ بينَ الماءِ والحجارةِ، أيَّهُمَا فعلَ أجزأَهُ، وإذا اكتفَى بالحجارةِ فلا بدَّ عندهُ منَ الثلاثِ المسَحَاتِ، ولو زالتِ العينُ بدونِها. وقيلَ: إذَا حصلَ الإنقاءُ بدونِ الثلاثِ أَجزأَ. وإذَا لمْ يحصلْ بثلاثٍ، فلا بدَّ مِنَ الزيادةِ، ويندبُ الإيتارُ، ويجب التثليثُ في القُبُلِ والدُّبُرِ، فتكونُ ستةَ أحجارٍ. ووردَ ذلكَ في حديثٍ.

قلتُ: إلَّا أن الأحاديثَ لم تأتِ في طلبهِ - صلى الله عليه وسلم - لابنِ مسعودٍ (١)، وأبي هريرةَ (٢)، وغيرِهِما إلَّا بثلاثةِ أحجارٍ، وجاءَ بيانُ كيفيةِ استعمالِها في الدبرِ، ولم يأتِ في القُبُلِ، ولوْ كانتِ الستُّ مرادةً لطلَبَها - صلى الله عليه وسلم - عندَ إرادتِه التبرُّزَ] (٣)، ولو في بعضِ الحالاتِ، فلوْ كانَ حجرٌ لهُ ستةُ أحرفٍ أجزأَ المسحُ بهِ.

ويقومُ غيرُ الحجارةِ مما يُنَقِّي مقامَها (٤) خلافًا للظاهريةِ، فقالُوا بوجوبِ الأحجار تمسُّكًا بظاهرِ الحديثِ. وأجيبَ بأنهُ خَرَجَ على الغالبِ لأنهُ المتيسِّرُ. ويدلُّ على ذلكَ نهيهُ أنْ يُستنجَى برجيع أو عظمٍ، ولو تعيَّنتِ الحجارةُ لنهى عما


=وقال الدارقطني: إسناد حسن، وكذلك قال البيهقي.
وقال النووي في "المجموع" (١/ ١٠٦): حديث حسن.
(١) أخرجه البخاري (١/ ٢٥٦ رقم ١٥٦)، والنسائي (١/ ٣٩ - ٤٠)، والترمذي (١/ ٢٥ رقم ١٧). عنه - رضي الله عنه - قال: "أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار … ".
(٢) أخرجه أحمد (٢/ ٢٤٧، ٢٥٠)، وأبو داود (١/ ١٨ رقم ٨)، والنسائي (١/ ٣٨ رقم ٤٠)، وابن ماجه (١/ ١١٤ رقم ٣١٣)، والبغوي في "شرح السنة" (١/ ٣٥٦ رقم ١٧٣)، والبيهقي (١/ ١٠٢) و (١/ ١١٢)، وابن خزيمة في "صحيحه" (١/ ٤٣ - ٤٤ رقم ٨٠)، وابن حبان في "الإحسان" (٢/ ٢٥٣ رقم ١٤٣٧)، والدارمي (١/ ١٧٢ - ١٧٣)، وأبو عوانة (١/ ٢٠٠)، والشافعي في "الأم" (١/ ٣٦) عنه من طرق …
وهو حديث حسن. وقد حسنه الألباني في "صحيح أبي داود".
(٣) في النسخة (أ): "للتبرز".
(٤) انظر: "المجموع" للنووي (٢/ ١١٢ - ١١٣)، و"المغني" لابن قدامة (١/ ١٧٨ - ١٧٩).