للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رَوَاهُ الدَّارَقُطْنيُّ (١).

(وَعَنْ أَبِي هريرةَ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: استَنْزِهُوا) منَ التنزُّهِ وهوَ البُعدُ بمعنى تنزَّهُوا، أو بمعنى اطلبُوا النزاهةَ (منَ البولِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ القَبْرِ)، أي: أكثرُ مَنْ يعذَّبُ فيهِ (منه)، أي: بسببِ ملابستهِ لهُ وعدمِ التنزُّهِ عنهُ. (رواهُ الدارقطنيُّ).

والحديثُ آمرٌ بالبعدِ عن البولِ، وأنَّ عقوبةَ عدمِ التنزهِ منهُ تُعجَّلُ في القبرِ، وقدْ ثبتَ حديثُ الصحيحينِ (٢): "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بقبرين يُعَذَّبَانِ، ثمَّ أخبرَ أن عذابَ أحدِهِما؛ لأنهُ كانَ لا يستنزهُ منَ البولِ، أوْ لأنهُ لا يستترُ منْ بولِهِ"، منَ الاستتارِ أي: لا يجعلُ بينَهُ وبينَ بولِهِ ساترًا يمنعهُ عن الملامسةِ لهُ، أوْ "لأنهُ لا يستبرئُ" منَ الاستبراءِ، أوْ "لأنهُ لا يتوقَّاهُ". وكلُّها ألفاظٌ واردةٌ في الرواياتِ، والكلُّ مفيدٌ لتحريمِ [ملامسةِ] (٣) البولِ وعدمِ التحرُّزِ منهُ. وقدِ اختلفَ الفقهاءُ: هلْ إزالةُ النجاسةِ فرضٌ أوْ لا؟

فقالَ مالكٌ: إزالتُها ليستْ بفرضٍ.

وقالَ الشافعيُّ: إزالتُها فرضٌ ما عدَا ما يُعْفَى عنهُ منْها، واستدلَّ على الفرضيةِ بحديثِ التعذيبِ على عدمِ التنزُّهِ من البولِ، وهوَ وعيدٌ لا يكونُ إلَّا على تركِ فرضٍ، واعتذرَ لمالكٍ عن الحديثِ بأنهُ يحتملُ أنهُ عذبَ لأنهُ كانَ يتركُ البولَ يسيلُ عليهِ فيصلِّي بغيرِ طهورٍ؛ لأنَّ الوضوءَ لا يصحُّ معَ وجودِهِ. ولا يَخْفَى أن


(١) في "السنن" (١/ ١٢٨ رقم ٧)، وقال: الصواب مرسل.
(٢) البخاري (١/ ٣١٧ رقم ٢١٦) و (١/ ٣٢٢ رقم ٢١٨) و (٣/ ٢٢٢ رقم ١٣٦١) و (٣/ ٢٤٢ رقم ١٣٧٨) و (١٠/ ٤٦٩ رقم ٦٠٥٢) و (١٠/ ٤٧٢ رقم ٦٠٥٥)، ومسلم (١/ ٢٤٠ رقم ١١١/ ٢٩٢).
قلت: وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (١/ ٣٧٠)، وأبو داود (١/ ٢٥ رقم ٢٠)، والنسائي (١/ ٢٨ رقم ٣١)، والترمذي (١/ ١٠٢ رقم ٧٠)، وابن ماجه (١/ ١٢٥ رقم ٣٤٧)، والبيهقي (١/ ١٠٤)، وابن خزيمة (١/ ٣٢ رقم ٥٥)، وأحمد (١/ ٢٢٥)، والدارمي (١/ ١٨٨ - ١٨٩)، وأبو عوانة (١/ ١٩٦)، والطيالسي (ص ٣٤٤ رقم ٢٦٤٦) كلهم من حديث ابن عباس.
(٣) في النسخة (أ): "ملابسة".