للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صلَّى بعدَ ذلكَ الغسلِ، ولا يتمُّ الاستدلالُ بالتداخلِ إلَّا إذا ثبتَ أنهُ صلَّى بعدَهُ.

قلْنا: قد ثبتَ في حديثِ السننِ صلاتُهُ بهِ. نعمْ لم يذكرِ المصنفُ في وضوءِ الغسلِ أنهُ مسحَ رأسَه، إلَّا أنْ يقالَ قدْ شملهُ قولُ ميمونةَ: "وضوءَه للصلاةِ".

وقولُها: "ثم أفاضَ الماءَ". الإفاضةُ: الإسالةُ. وقدِ استُدِلَّ بهِ على عدمِ وجوب الدَّلكِ، وعلى أن مسمَّى غسلٍ لا يدخلُ فيهِ الدلكُ لأنَّها عبَّرتْ ميمونةُ بالغسلِ، وعبَّرتْ عائشةُ بالإفاضةِ، والمعنى واحدٌ، والإفاضةُ لا دلكَ فيها فكذلكَ الغسلُ.

وقالَ الماورديُّ: لا يتمُّ الاستدلالُ بذلكَ، لأنَّ أفاضَ بمعنى غسلَ والخلافُ في الغسلِ قائمٌ. هذا وأما هلْ يُكَرِّرُ غَسْلَ الأعضاءِ ثلاثًا عندَ وضوءِ الغُسْلِ؟ فَلَمْ يذكرْ ذلكَ في حديثِ عائشةَ وميمونةَ، قالَ القاضي عياضُ: إنهُ لم يأتِ في شيءٍ منَ الرواياتِ ذلكَ.

قالَ المصنفُ: بلْ قد وردَ ذلكَ في روايةٍ صحيحةٍ عنْ عائشةَ. وفي قولِ ميمونة: "إنهُ - صلى الله عليه وسلم - أخَّرَ غسلَ الرجلينِ"، ولم يردْ في روايةِ عائشةَ، قيلَ: يحتملُ أنهُ أعادَ غسلَ رجليهِ بعدَ أنْ غسلَهما أوَّلًا للوضوءِ لظاهرِ قولِها: "توضأ وضوءه للصلاةِ"؛ فإنهُ ظاهرٌ في دخولِ الرجلينِ في ذلكَ.

وقد اختلفَ العلماءُ في ذلكَ، فمنهمْ مَنِ اختارَ غسلَهما أولًا، ومنهمْ منِ اختارَ تأخيرَ ذلكَ. وقد أُخِذَ منهُ جوازُ تفريقِ أعضاءِ الوضوءِ. وقولُ ميمونةَ: "ثمَّ أَتيتُهُ بالمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ"، فيهِ دليلٌ على عدمِ شرعيةِ التنشيفِ للأعضاءِ. وفيهِ أقوالٌ: الأشهرُ أنهُ يستحبُّ تركهُ، وقيلَ مباحٌ، وقيلَ غيرُ ذلكَ. وفيهِ دلالةٌ على أن نفضَ اليدِ منْ ماءِ الوضوءِ لا بأسَ بهِ، وقدْ عارضهُ حديثُ: "لا تنفضُوا أيديكم؛ فإنَّها مراوحُ الشيطانِ" (١)، إلَّا أنهُ حديث ضعيفٌ (٢) لا يقاوِمُ حديثَ البابِ.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" (١/ ٣٦ رقم ٧٣)، وابن حبان في "المجروحين" (١/ ٢٠٣)، وابن عدي في "الكامل" (٢/ ٤٩٠).
قال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عنه؟ فقال: هذا حديث منكر. والبَخْتري: ضعيف الحديث، وأبوه مجهول". وكذا قال ابن عدي: أن الحديث منكر.
وخلاصة القول: أن الحديث موضوع. انظر: "الضعيفة" للمحدث الألباني (رقم ٩٠٣).
(٢) قلت: بل هو موضوع كما تقدم.