للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأرضِ لأجلِ إزالةِ الرائحةِ منَ اليدِ، ولم يذكرْ أنهُ أعادَ غَسْلَ الفرجِ بعدَ ذلكَ، معَ أنها إذا كانتِ الرائحةُ في اليدِ فهي باقيةٌ في الفرجِ، هذا ما يُفْهَمُ منَ الحديثِ.

ويدلُّ على أن الماءَ الذي يطهرُ بهِ محلُّ النجاسةِ طاهرٌ مطهرٌ، وعلى تشريكِ النيةِ للغسلِ الذي يزيلُ النجاسةَ برفعِها الحدثَ. واستدلَّ على أن بقاءَ الرائحةِ بعدَ غَسْلِ المحلِّ لا يضرُّ. ويدلُّ على أن غسلَ الجنابةِ مرةً واحدةً. هذَا كلامهُ، ويحتملُ أنَّها لم تبقَ رائحةٌ، بلْ ضربُ الأرضِ لإزالةِ لُزُوجَةِ اليدِ إنْ سُلِّمَ أنها تفارقُ الرائحةَ، وأما وضوءهُ قبلَ الغسلِ فإنهُ يحتملُ أنهُ وضوؤه للصلاةِ، وأنهُ يصحُّ قبلَ رفعِ الحدثِ الأكبرِ. وأنْ يكونَ غَسْلُ هذهِ الأعضاءِ كافيًا عنْ غسلِ الجنابةِ. وأنهُ تتداخلُ الطهارتانِ وهوَ رأي زيدِ بن عليّ والشافعيِّ وجماعةٍ.

ونقلَ ابنُ بطالٍ الإجماعَ على ذلكَ، ويحتملُ أنهُ غسلَ أعضاءَ الوضوءِ للجنابةِ وقدَّمَها تشريفًا لها، ثمَّ وضَّأها للصلاةِ، لكنَّ هذَا لمْ يُنْقَلْ أصلًا، ويحتملُ أنهُ وضَّاهَا للصلاةِ ثمَّ أفاضَ عليها الماءَ معَ بقيةِ الجسدِ للجنابةِ، ولكنَّ عبارة أفاضَ الماءَ على سائرِ جسدِهِ لا تناسبُ هذا؛ إذْ هيَ ظاهرةٌ أنهُ أفاضهُ على ما بقي منْ جسدهِ مما لمْ يمسَّهُ الماءُ، فإنَّ السائر الباقي لا الجميعُ.

قال في "القاموس" (١): والسائرُ الباقي لا الجميعُ، كما توهَّمَ جماعاتٌ. فالحديثانِ ظاهرانِ في كفايةِ غسلِ أعضاءِ الوضوءِ مرةً واحدةً عن الجنابةِ والوضوءِ، وأنهُ لا يشترطُ في صحةِ الوضوءِ رفعُ الحدثِ الأكبرِ، ومَن قَالَ لا يتداخلانِ، وأنَّهُ يتوضأُ بعدَ كمالِ الغُسلِ لم ينهضْ لهُ على ذلكَ دليلٌ.

وقدْ ثبتَ في "سنن أبي داودَ" (٢): "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - يغتسلُ ويُصلِّي الركعتينِ، وصلاةَ الغداةِ، ولا يمسُّ ماءً"؛ فبطلَ القولُ بأنهُ ليسَ في حديثِ ميمونةَ وعائشةَ أنهُ


(١) "المحيط" (ص ٥١٧).
(٢) (١/ ١٧٣ رقم ٢٥٠) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغتسل ويُصلي الرَّكعتينِ وصلاةَ الغداةِ، ولا أراه يُحدث وضوءًا بعد الغُسل".
قلت: وأخرجه الترمذي (١/ ١٧٩ رقم ١٠٧)، والنسائي (١/ ١٣٧ رقم ٢٥٢)، وابن ماجه (١/ ١٩١ رقم ٥٧٩)، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان - صلى الله عليه وسلم - لا يتوضأ بعد الغسل"، وزاد ابن ماجه: "من الجنابة".
قال الترمذي: حديث حسنٌ صحيحٌ. وهو كما قال.