للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بهذا الحديثِ، ويُجْمَعُ بينهُما بأنَّ الأمرَ بالنقضِ للندبِ، أو يجابُ بأنَّ شعرَ أمِّ سلمةَ كانَ خفيفًا فعلمَ - صلى الله عليه وسلم - أنهُ يصلُ الماءُ إلى أصولهِ. وقيلَ: يجبُ النقضُ إنْ لمْ يصلِ الماءُ إلى أصولِ الشعرِ، وإنْ وصلَ لخفَّةِ الشعرِ لم يجبْ نقضهُ، أو بأنهُ إنْ كانَ مشدودًا نُقِضَ، وإلَّا لمْ يجبِ نقضُهُ، لأنهُ يبلغُ الماءُ أصولَه.

وأما حديثُ: "بُلُّوا الشعرَ وأنقوا البَشَرَ" (١)، فلا يقْوى على معارضةِ حديثِ أمِ سلمةَ. وأما فعلهُ - صلى الله عليه وسلم - وإدخالُ أصابعهِ كما سلفَ في غسلِ الجنابةِ، ففِعلٌ لا يدلُّ على الوجوبِ، ثم هوَ في حقِّ الرجالِ، وحديثُ أمِّ سلمةَ في غُسْلِ النساءِ، هكذا حاصلُ ما في الشرحِ، إلا أنهُ لا يخفى أن حديثَ عائشةَ كانَ في الحجِّ، فإنَّها أحرمتْ بعمرةٍ ثم حاضتْ قبلَ دخولِ مكةَ، فأمرهَا - صلى الله عليه وسلم - أنْ تنقضَ رأسَها وتمتشطَ وتغتسلُ، وتهلَّ بالحجِّ، وهي حينئذٍ لم تطهرْ من حيضها فليسَ إلا غسلُ تنظيفٍ لا حيضٍ، فلا يعارضُ حديثَ أمِّ سلمةَ أصلًا، فلا حاجةَ إلى هذهِ التآويلِ التي في غايةِ الرِّكَّةِ، فإنَّ خفةَ شعرِ هذهِ دونَ هذهِ يفتقرُ إلى دليلٍ. والقولُ بأنَّ هذا مشدودٌ، وهذا [خلافُه] (٢) - والعبارةُ عنهما من الراوي بلفظِ النقضِ - دعوى بغيرِ دليلٍ.

نعمْ في المسألةِ حديثٌ واضحٌ، فإنهُ أخرجَ الدارقطنيُّ في الأفرادِ (٣)، والطبرانيُّ (٤)، والخطيبُ في "التلخيص" (٥)، والضياءُ المقدسيُّ (٦) منْ حديثِ أنسٍ


(١) وهو حديث ضعيف.
انظر تخريجه رقم (١٦/ ١١٤).
(٢) في (ب): "بخلافه".
(٣) عزاه إليه الزيلعي في "نصب الراية" (١/ ٨٠).
(٤) في "المعجم الكبير" (١/ ٢٦٠ رقم ٧٥٥).
(٥) عزاه إليه الزيلعي في "نصب الراية" (١/ ٨٠).
(٦) في "المختارة" (ق ٢/ ٢٣)، "مسند أنس" كما في "الضعيفة" (٢/ ٣٤٢).
قلت: وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ١٨٢)، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١/ ٢٧٣) وقال: "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه: سلمة بن صبيح اليحمدي ولم أجد من ذكره.
قلت: والخلاصة أن الحديث ضعيف لتفرُّد ابن صبيح به، وهو في عداد المجهولين.
وانظر: "الضعيفة" للمحدث الألباني (رقم ٩٣٧).