للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مرفوعًا: "إذا اغْتَسَلتِ المرأةُ منْ حَيْضِها نَقَضَتْ شَعْرَهَا نَقضًا وَغَسَلَتْهُ بِخَطْمِيٍّ (١)، وَأُشْنَانٍ (٢)، وإن اغْتَسَلَتْ مِنْ جَنَابَةِ صَبَّتْ الماءَ على رأسِهَا صبًّا وَعَصَرَتْهُ"؛ فهذَا الحديثُ معَ إخراجِ الضياءِ لهُ وهوَ يشترطُ الصحةَ فيما يخرجهُ، يثمرُ الظنُّ في العمل بهِ (٣)، ويحملُ على الندبِ لذكرِ الخطميِّ والأشنانِ، إذْ لا قائلَ بوجوبِهِما فهوَ قرينةٌ على الندبِ (٤)، وحديثُ أمِّ سلمةَ محمولٌ على الإيجابِ كما قال: "إنما يكفيك"، فإذا زادتْ نقضَ الشعر كانَ ندبًا.

ويدلُّ [على عدم] (٥) وجوبِ النقضِ ما أخرجهُ مسلمٌ (٦) وأحمدُ (٧): "أنهُ بلغَ عائشةَ أن ابنَ عمرَ كانَ يأمرُ النسَاءَ إذا اغْتَسَلْنَ أنْ يَنْقُضْنَ رؤوسَهُنَّ، فقالتْ: [يا عجبًا] (٨) لابنِ عمرَ وهوَ يأمرُ النساءَ أنْ ينقُضْنَ شعرَهُنَّ، أفلا يأمُرُهُنَّ أن يَحْلِقْنَ رؤوسَهُنَّ؟ لقدْ كنتُ أَغْتَسِلُ أنا ورسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إناءٍ واحدٍ، فما أزيدُ أنْ أُفْرغَ على رأسي ثَلاثَ إِفْرَاغاتٍ"، وإنْ كان حديثُها في غسلِها منَ الجنابةِ. وظاهرُ ما نقلَ عن ابن عمرَ أنهُ كانَ يأمرُ النساءَ [بنقضِ الشعر مطلقًا] (٩) في حيضٍ وجنابةٍ (١٠).


(١) الخَطْمِيُّ: والكَسْرُ أكثَرُ. شجرةٌ من الفصيلةِ الخُبَّازِيَّةِ، كثيرةُ النفع، يُدَقُّ وَرَقُها يابسًا، ويُجْعَلُ غَسْلًا للرأسِ، فينقِّيهِ. "القاموس الفقهي" سعدي أبو جيب (ص ١١٨).
(٢) الأُشْنان: وهو بضم الهمزة وكسرها. حكاهما أبو عبيدة والجواليقي، قال: وهو فارسي مُعرَّب، وهو بالعربية "حُرْضَ". "تحرير ألفاظ التنبيه" للنووي (ص ٣٢).
(٣) قال الألباني في "الضعيفة" (٢/ ٣٤٢ - ٣٤٣) تعقيبًا على كلام الأمير الصنعاني: "وهذا مسلَّم بالنسبة لمن لم يقف على إسناده، وأما من وقف عليه، فقد يختلف الحكم بالنسبة له، ويرى خلاف ما ذهب الضياء إليه وعَّول عليه، كما هو الشأن في هذا الحديث. ورواية مسلم بن صبيح، وهو من الأدلة الكثيرة على أن الضياء رحمه الله متساهل في التصحيح كالحاكم، وإن كان هو أحسن حالًا منه كما شهد بذلك ابن تيمية رحمه الله" اهـ.
(٤) إذا عرفت ضعف الحديث فالاستدلال به على ما ذكر الصنعاني غير صحيح.
(٥) في (ب): "لعدم".
(٦) في "صحيحه" (١/ ٢٦٠ رقم ٥٩/ ٣٣١).
(٧) في "المسند" (٢/ ١٣٥ رقم ٤٦٧) "الفتح الرباني".
(٨) في (أ): "يا عجباه".
(٩) في (ب): "بالنقض".
(١٠) قلت: الأقرب إلى الصواب: التفريق بين غسل الحيض فيجب فيه النقض، وبين غسل الجنابة فلا يجب، واللَّه أعلم.