للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الشافعيُّ (١): هذا الحديثُ ليسَ بثابتٍ. وقالَ البيهقيُّ (٢): أنكرهُ أهلُ العلمِ بالحديثِ، البخاريُّ، وأبو داود، وغيرُهُما، ولكنْ في البابِ من حديثِ عليٍّ عليه السلام مرفوعًا: "مَنْ تركَ موضعَ شعرةٍ منْ جنابةٍ لمْ يغسلْها فُعِلَ بهِ كذا وكذا"، فمنْ ثمَّ عاديتُ رأسِي، فمن ثم عاديت رأسي ثلاثًا. وكانَ يجزُّهُ. وإسنادهُ صحيحٌ كما قالَ المصنفُ، ولكنْ قالَ ابنُ كثيرٍ في الإرشادِ: إنَّ حديثَ عليٍّ هذا مِنْ روايةِ عطاءِ بن السائبِ وهو سيِّءُ الحفظِ. وقال النوويُّ (٣): إنهُ حديثٌ ضعيفٌ.

قلتُ: وسببُ اختلافِ الأئمةِ في تصحيحهِ وتضعيفهِ: أن عطاءَ بنَ السائبِ اختلط في آخرِ عمرِه، فمنْ رَوَى عنهُ قَبْلَ اختلاطهِ فروايتهُ عنه صحيحةٌ، وَمَنْ رَوى عنهُ بعدَ اختلاطهِ فروايتهُ عنهُ ضعيفةٌ. وحديثُ عليٍّ (٤) هذا اختلفوا هلْ رواهُ


(١) ذكره ابن حجر في "التلخيص" (١/ ١٤٢ رقم ١٩٥).
(٢) في "معرفة السنن والآثار" (١/ ٤٣٢).
وقال في "السنن الكبرى" (١/ ١٧٥): "تفرَّد به موصولًا الحارث بن وجيه، والحارث بن وجيه تكلموا فيه".
وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (١/ ٢٩): "قال أبي: هذا حديث منكر. والحارث ضعيف الحديث".
قلت: وللحديث شواهد، من حديث عائشة، وأبي أيوب، وعلى ولكنها ضعيفة لا تقوى على دعم حديث أبي هريرة.
• أما حديث عائشة فقد أخرجه أحمد في "المسند" (٦/ ١١٥ - ١١١) بلفظ: "أجْمَرْتُ رأسي إجْمَارًا شديدًا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا عائشة أما علمتِ أن على كل شعرة جنابة"، وفي سنده مبهم وباقي رجاله ثقات.
• أجْمَرْتُ رأسي: أي: جمعته وضفرته، يقال: أجمر شعره إذا جعله ذؤابة، والذؤابة الجَميرة، لأنها جُمِّرَتْ، أي: جُمِعَتْ. ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث" (١/ ٢٩٣).
• وأما حديث أبي أيوب فقد أخرجه ابن ماجه في "السنن" (١/ ١٩٦ رقم ٥٩٨)، بلفظ: "الصلواتُ الخمْسُ، والجمعَةُ إلى الجُمُعَةِ وأدَاءُ الأمانَةِ كفَارَةٌ لما بينها"، قلت: وما أداء الأمانة؟ قال: "غسل الجنابةِ فإنَّ تحت كل شعرة جنابة"، وفي سنده انقطاع. فقد قال ابن أبي حاتم في "المراسيل" (ص ١٠٠): "لم يسمع أبو سفيان من أبي أيوب شيئًا".
(٣) في "المجموع" (٢/ ١٨٤).
(٤) أخرجه أحمد في "المسند" (١/ ٩٤)، والدارمي (١/ ١٩٢)، وأبو داود (١/ ١٧٣ رقم =