للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولأُمتِي مَسْجِدًا وَطَهُورًا"، وهوَ منْ حديثِ أبي أمامةَ عندَ أحمدَ (١) وغيرِه.

وأما مَنْ منعَ مِنْ ذلكَ مستدِلًّا بقولهِ في بعضِ رواياتِ "الصحيحِ": "وجُعِلَتْ تُرْبَتُها طَهُورًا" أخرَجَهُ مسلمٌ (٢)؛ فلا دليلَ فيهِ على اشتراطِ الترابِ لما عرفتَ في الأصولِ منْ أن ذكرَ بعضِ أفرادِ العامِّ لا يُخَصَّصُ بهِ، ثمَّ هوَ مفهومُ لقب لا يعملُ بهِ عندَ المحقِّقينَ، نعمْ في قولهِ تعالى في آيةِ التيمم في المائدةِ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (٣)، لفظ "منه" دليلٌ على أن المرادَ الترابُ، وذلكَ أن كلمةَ مِنْ للتبعيضِ كما قال في "الكشاف" (٤)، حيثُ قالَ: "إنهُ لا يفهمُ أحدٌ منَ العربِ قولَ القائلِ مسحتُ برأسي من الدهنِ، ومنَ الترابِ، إلَّا معنى التبعيضِ" اهـ.

والتبعيضُ لا يتحققُ إلَّا في المسحِ مِنَ الترابِ، لا منَ الحجارةِ ونحوِها.

(فأيُّما رجلٍ) هوَ للعمومِ في قوةِ كلِ رجلٍ (أدركتْهُ الصلاة فليصل) أي: على كلِّ حالٍ وإنْ لم يجدْ مسجدًا ولا ماءً، أي: بالتيممِ، كما بيَّنتْهُ روايةُ أبي أمامةَ (٥): "فأيُّما رجلٍ منْ أمتي أدركتْهُ الصلاةُ فلم يجدْ ماءً وجدَ الأرضَ مسجدًا وطهورًا"، وفي لفظٍ (٦): "فعندَه طَهُورُه ومسْجِدُهُ"، وفيهِ أنهُ لا يجبُ على فاقدِ الماءِ طلبه (وذكرَ الحديث) أي: ذكرَ جابرٌ بقيةَ الحديثِ، فالمذكورُ في الأصلِ اثنتانِ ولنذكرْ بقيةَ الخمس.

فالثالثةُ: قولُه: "وأحِلَّتْ لي الغنائمُ وفي روايةٍ: "المغانمُ". قالَ الخطابي: كانَ مَنْ تقدَّمَ [أيْ: منَ الأنبياءِ] (٧) على ضربينِ: منهمْ مَنْ لم يُؤذَنْ له


(١) في "المسند" (٥/ ٢٤٨) ورجاله كلهم ثقات إلا سيَّارًا الأموي وهو صدوق.
(٢) في "صحيحه" (١/ ٣٧١ رقم ٤/ ٥٢٢) من حديث حذيفة.
(٣) سورة المائدة: الآية ٦.
(٤) للزمخشري (١/ ٢٧٠).
(٥) أخرجه البيهقيُّ في "السنن الكبرى" (١/ ٢١٢)، وقال الذهبي في "المهذب" في "اختصار السنن الكبرى" (١/ ٢٢٣ رقم ٧٩٩): "رواه الترمذي من حديث أسباط عن التيمي وصحَّحه".
(٦) أخرجه أحمد (٢/ ١٨٧ رقم ٧) "الفتح الرباني" ورجاله كلهم ثقات إلا سيَّارًا الأموي وهو صدوق وقد تقدم.
(٧) زيادة من (أ).