للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

معجمةِ، وفي لفظ: "فتمعَّكتُ" ومعناهُ: تقلَّبتُ (في الصعيدِ كما تتمرَّغ الدابة، ثمَّ أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فذكرتُ ذلكَ له فقالَ: إنَّما كانَ يكفيكَ أنْ تقولَ) أي: تفعل. والقولُ يطلقُ على الفعلِ، كقولِهِمْ: قالَ بيدِهِ هَكَذَا. (بِيَدَيْكَ هكذا) بَيَّنَهُ بقولِهِ: (ثمَّ ضربَ بيديْهِ الأرضَ ضربةً واحدةً، ثمَّ مسحَ الشمالَ على اليمينِ، وظاهرَ كفيهِ ووجهه. متفقٌ عليه) بينَ الشيخين (واللفظُ لمسلمٍ).

استعملَ عمارٌ القياسَ، فرأى أنهُ لما كانَ الترابُ نائبًا عن الغسلِ فلا بدَّ منْ عمومهِ للبدنِ، فأبانَ لهُ - صلى الله عليه وسلم - الكيفيةَ التي تجزئهُ، وأراهُ الصفةَ المشروعةَ، وأعلمهُ أنها التي فُرضتْ عليهِ، ودلَّ أنهُ يكفي ضربةٌ واحدةٌ، ويكفي في اليدينِ مسحُ الكفينِ، وأنَّ الآيةَ مجملةٌ بيَّنها - صلى الله عليه وسلم - بالاقتصارِ على الكفينِ.

وأفادَ أن الترتيبَ بينَ الوجهِ والكفينِ غيرُ واجبٍ، وإنْ كانتِ الواوُ لا تفيدُ الترتيبَ، إلَّا أنّهُ قدْ وردَ العطفُ في روايةٍ [للبخاري] (١) للوجِهِ على الكفينِ بثمَّ، وفي لفظٍ لأبي داودَ (٢): " [ثمَّ] (٣) ضربَ بشمالهِ على يمينهِ، وبيمينهِ على شمالِهِ على الكفينِ، ثمَّ مسحَ وجهَهُ".

وفي لفظِ للإسماعيليِّ ما هوَ أوضحُ منْ هذَا: "إنما يكفيكَ أنْ تضربَ بيديكَ على الأرضِ، ثم تنفضهُما، ثم تمسحُ بيمينِك على شمالِكَ، وبشمالكَ على يمينكَ، ثمَّ تمسحُ على وجهكَ"، ودلَّ [على] (٤) أن التيممَ فرضُ مَنْ أجنبَ ولمْ يجدِ الماءَ.

وقدِ اختُلفَ في كميةِ الضرباتِ وقدرِ التيممِ في اليدينِ: فذهبَ جماعةٌ منَ السلفِ ومَنْ بعدَهم إلى أنَّها تكفي الضربةُ الواحدةُ، وذهبَ إلى أنَّها لا تكفي الضربةُ الواحدةُ جماعةٌ منَ الصحابةِ ومَنْ بعدَهم، وقالُوا: لا بدَّ منْ ضربتينِ؛ للحديثِ الآتي قريبًا، والذاهبونَ إلى كفايةِ الضرْبةِ جمهورُ العلماءِ وأهلُ الحديثِ، عملًا بحديثِ عمَّارٍ، فإنهُ أصحُّ حديثِ في البابِ، وحديثُ الضربتينِ يأتي


(١) في (ب): "في البخاري".
(٢) في "السنن" (١/ ٢٢٧ - ٢٢٨ رقم ٣٢١).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) زيادة من (أ).