للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(رواهُ أبو داودَ والنسائيُّ)، وفي "مختصرِ السننِ" للمنذريِّ (١) أنهُ أخرجهُ النسائيُّ مسندًا ومرسلًا. وقالَ أبو داودَ (٢): إنهُ مرسل عنْ عطاءِ بن يسارٍ، لكنْ قالَ المصنفُ (٣): هذهِ الروايةُ رواها ابنُ السكنِ في صحيحه. [ولهُ] (٤) شاهدٌ منْ حديثِ ابن عباسٍ رواهُ إسحاقُ في مسندهِ (٥): أنهُ - صلى الله عليه وسلم - بالَ ثمَّ تيممَ، فقيلَ لهُ: إنَّ الماءَ قريبٌ منكَ، قالَ: فلعلي لا أبلغهُ".

والحديثُ دليلٌ على جوازِ الاجتهادِ في عصرهِ - صلى الله عليه وسلم -، و [على] (٦) أنهُ لا يجبُ الطلبُ والتلومُ لهُ [أي: الانتظارُ] (٦)، ودلَّ على [أنها] (٧) لا تجبُ الإعادةُ على مَنْ صلَّى بالترابِ ثمَّ وجدَ الماءَ في الوقتِ بعدَ الفراغِ منَ الصلاةِ، وقيلَ: بلْ يعيدُ الواجدُ في الوقتِ؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا وجدَ الماءَ فليتقِ اللَّهَ وليمسه بشرتَهُ"، وهذَا قدْ وجدَ الماءَ.

وأجيبَ بأنه مطلقٌ فيمنْ وجدَ الماءَ بعدَ الوقتِ وقبلَ خروجهِ، وحالَ الصلاةِ وبعدَها، وحديثُ أبي سعيدٍ هذا فيمنْ لم يجدِ الماءَ في الوقتِ حالَ الصلاةِ، فهوَ مُقيدٌ، فيحملُ عليهِ المطيلقُ، فيكونُ معناهُ: فإذا وجدتَ الماءَ قبلَ الصلاةِ في الوقتِ فأمسهُ بشرتَكَ، أي: إذا وجدتَهُ وعليكَ جنابةٌ متقدمةٌ، فيقيَّدُ بهِ كما قدَّمناهُ.

واستدلَّ القائلُ بالإعادةِ في الوقتِ بقولهِ تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} (٨) والخطابُ متوجهٌ معَ بقاءِ الوقتِ، وأجيبَ بأنهُ بعدَ فعلِ الصلاةِ لم يبقَ للخطابِ توجهٌ إلى فاعلِها، وكيف وقدْ قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "وَأَجْزَأَتْكَ صَلاتُكَ" للذي لم يُعدْ؟ إذِ الإجزاءُ عبارةٌ عنْ كونِ الفعلِ مسقطًا لوجوبِ إعادةِ العبادةِ. والحقُّ أنهُ قدْ أَجزأهُ.


(١) (١/ ٢١٠).
(٢) في "السنن" (١/ ٢٤٢).
(٣) في "التلخيص" (١/ ١٥٦).
قلت: والخلاصة أن الحديث حسن.
(٤) في (ب): "ولها".
(٥) عزاه إليه ابن حجر في "التلخيص" (١/ ١٥٦).
(٦) زيادة من (ب).
(٧) في (ب): "لأنه".
(٨) سورة المائدة: الآية ٦.