للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(عَنْ عبدِ اللَّهِ بن عمرِو [بن العاص] (١) - رضي الله عنه - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: وَقْتُ الظُّهْرِ إذا زَالَتِ الشمسُ) أي: مالتْ إلى جهةِ المغربِ، وهوَ الدلوكُ الذي أرادهُ - تعالى - بقولهِ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (٢)، (وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُل كَطُولِهِ) أي: ويستمرُّ وقتُها حتَّى يصيرَ ظلُّ كلِّ شيءٍ مثله، فهذَا تعريفُ أول وقتِ الظهرِ وآخرهِ، فقولُهُ: "وكان" عطفٌ على زالتْ كما قرَّرنا، أي: ويستمرُّ وقتُ الظهرِ إلى صيْرورةِ ظلِّ الرجلِ مثله، (مَا لمْ يَحْضرْ وَقْتُ العَصْرِ) وحضورُهُ بمصيرِ ظلِّ كلِّ شيءٍ مثله كما يفيدهُ مفهومُ هذا، وصريحُ غيرهِ (وَوَقْتُ العَصْرِ) يستمرُّ (مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ). وقد عيَّن آخرَهُ في غيرهِ بمصيرِ ظلِّ الشيءِ مثليْهِ. (وَوَقْتُ صَلاةِ الْمَغْربِ) مِنْ عندِ سقوطِ قرصِ الشمسِ ويسمرُّ (ما لمْ يغِبِ الشَّفَقُ) الأحمر، [وتفسيرهُ بالحمرةِ سيأتي نصًّا] (٣). (وَوَقْتُ صَلاةِ العِشَاءِ) من غيبوبةِ الشفقِ، ويستمرُّ (إلى نِصْفِ اللَّيلِ الأَوْسَطِ)، المرادُ بهِ الأولُ. (وَوَقْتُ صَلاةِ الصُّبْحِ) أولُهُ (مِنْ طُلُوعِ الفَجْرِ)، ويستمرُّ (مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ. رواهُ مسلمٌ)، وتمامهُ في مسلم: "فإذا طَلَعتِ الشمسُ فأمسكْ عن الصلاةِ؛ فإنها تطلعُ بينَ قرني الشيطان" (٤).

الحديثُ أفادَ تعيينَ [أكثر] (٥) الأوقاتِ الخمسةِ أولًا وآخرًا، فأولُ وقتِ الظهرِ زوالُ الشمسِ، وآخرهُ مصيرُ ظلِّ الشيءِ مثلِهِ. وذكرُ الرجلِ في الحديثِ تمثيلًا، وإذا صارَ كذلكَ فهوَ أولُ العصرِ، ولكنهُ يشاركهُ الظهرَ في قدرِ ما يتسعُ لأربعِ ركعاتٍ، فإنهُ يكونُ وقتًا لهما، كما يفيدُه حديثُ جبريل (٦): فإنه صلَّى


(١) زيادة من (أ).
(٢) سورة الإسراء: الآية ٧٨.
(٣) في (أ): "يأتي تفسيره بالحمرة أيضًا".
(٤) في (ب): "شيطان".
(٥) زيادة من (ب).
(٦) أخرجه أحمد في "المسند" (٣/ ٣٣٠)، والترمذي (١/ ٢٨١ رقم ١٥٠)، والنسائي (١/ ٢٥٥)، والدارقطني (١/ ٢٥٧ رقم ٣)، والحاكم في "المستدرك" (١/ ١٩٥)، والبيهقي (١/ ٣٦٨) كلهم من حديث جابر بن عبد الله.
وقال الترمذي: قال محمد - يعني البخاري - أصح شيء في المواقيت حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقال الحاكم هذا حديث صحيح مشهور. ووافقه الذهبي. ووافقهما الألباني في "الإرواء" (١/ ٢٧١).
قلت: إن الحديث صحيح. وانظر: "نصب الراية" (١/ ٢٢٢ - ٢٢٣). =