للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الظهرَ في اليومِ الأولِ بعدَ الزوالِ، وصلَّى بهِ العصرَ عندَ مصيرِ ظلِّ الشيءِ مثلِهِ في الوقتِ الذي صلَّى فيهِ العصرَ اليومَ الأولَ. فدلَّ على أن ذلكَ وقتٌ يشتركُ فيهِ الظهرُ والعصرُ، وهذا هوَ الوقتُ المشتركُ وفيهِ خلافٌ، فمنْ أثبتهُ فحجتهُ ما سمعتَهُ، ومَنْ نفاهُ تأوَّلَ قولَهُ: "وصلَّى بهِ الظهرَ في اليومِ الثاني حينَ صارَ ظلُّ الشيءِ مثلَهُ"، بأنَّ معناهُ فرغَ منْ صلاةِ الظهرِ في ذلكَ الوقتِ وهوَ بعيدٌ. ثمَّ يستمرُّ وقتُ العصرِ إلى اصفرارِ الشمسِ، وبعدَ الاصفرارِ ليسَ بوقتٍ للأداءِ بلْ وقتُ قضاءٍ، كما قالهُ أبو حنيفةَ [كذا في الشرح وغيره] (١). وقيلَ: بلْ أداءٌ إلى بقيةٍ تَسَعُ ركعةً لحديثِ: "منْ أدركَ ركعةً مِنَ العصرِ قبلَ أنْ تغيبَ الشمسُ فقدْ أدركَ العصرَ" (٢)، وأولُ وقتِ المغرب إذا وجبتِ الشمسُ، أيْ: غربتْ. كما وردَ عندَ الشيخينِ (٣) وغيرِهما، وفي لفظٍ (٤): "إذا غربتْ"، وآخرُه: ما لم يغبِ الشفقُ.

وفيهِ دليلٌ على اتساعِ وقتِ المغربِ، وعارضهُ حديثُ جبريل" فإنهُ صلَّى بهِ - صلى الله عليه وسلم - المغربَ في وقتٍ واحدٍ في اليومينِ، وذلكَ بعدَ غروبِ الشمس، والجمعُ بينهمَا أنهُ ليسَ في حديثِ جبريلَ حصرٌ لوقتهمَا في ذلكَ؛ ولأنَّ أحاديثَ تأخيرِ المغربِ إلى غروب الشفقِ متأخرةٌ، فإنَّها في المدينةِ، وإمامةُ جبريلَ في مكةَ، فهي زيادةٌ تفضَّلَ اللَّهُ بها. لو قيلَ: إنَّ حديثَ جبريلَ دالٌّ على أنهُ لا وقتَ


= قلت: وحديث إمامة جبريل رواه جماعة من الصحابة: منهم "ابن عباس" و"أبو مسعود" و"أبو هريرة" و"عمرو بن حزم" و"أبو سعيد الخدري" و"أنس بن مالك" و"ابن عمر".
انظر تخريجها في: "نصب الراية" (١/ ٢٢١ - ٢٢٦)، و"إرواء الغليل" (١/ ٢٦٨ - ٢٧٠)، وكتابنا "إرشاد الأمة .. " جزء الصلاة.
(١) زيادة من (أ).
(٢) أخرجه البخاري (٢/ ٥٦ رقم ٥٧٩)، ومسلم (١/ ٤٢٤ رقم ١٦٣/ ٦٠٨)، وأبو داود (١/ ٢٨٨ رقم ٤١٢)، والترمذي (١/ ٣٥٣ رقم ١٨٦)، والنسائي (١/ ٢٥٧)، وابن ماجه (١/ ٣٥٦ رقم ١١٢٢)، ومالك (١/ ١٠ رقم ١٥)، وأحمد (٢/ ٢٥٤) وغيرهم من حديث أبي هريرة.
(٣) البخاري (٢/ ٤١ رقم ٥٦٠) و (٢/ ٤٧ رقم ٥٦٥)، ومسلم (١/ ٤٤٦ رقم ٢٣٣/ ٦٤٦) من حديث محمد بن عمرو بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
(٤) أخرجه البخاري (٢/ ٤١ رقم ٥٦١)، ومسلم (١/ ٤٤١ رقم ٢١٦/ ٦٣٦)، وأبو داود (١/ ٢٩١ رقم ٤١٧)، والترمذي (١/ ٣٠٤ رقم ١٦٤).
من حديث سلمة بن الأكوع.