للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (١)، ولفظ مسلم: "لا صلاة بعد صلاة الفجر". [صحيح]

(وَعَنْ أَبِي سعيدٍ الخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: سمعت رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: (لا صَلاةَ) أي نافلةً (بعدَ الصُّبْحِ)، أي صلاتُه أو زمانهُ (حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ولا صَلَاةَ بعدَ العَصْرِ) أيْ صلاتُهُ أو وقتُه (حتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ. مُتفقٌ عليهِ. ولفظُ مسلمٍ: لا صلاةَ بعدَ صلاة الفجرِ). فعينت المرادَ مِنْ قولِهِ: بعد الفجرِ، فإنهُ يحتملُ ما ذكرْناهُ كما وردَ في روايةِ: "لا صلاةَ بعدَ صلاةَ العصرِ"، نسبَها ابنُ الأثيرِ إلى الشيخينِ، وفي روايةٍ: "لا صلاةَ بعدَ طلوعِ الفجرِ إلا ركعتي الفجرِ" (٢)، ستأتي. فالنفيُ قدْ توجهَ إلى ما بعدَ فعلِ صلاةِ الفجرِ، وفعلِ صلاةِ العصرِ، ولكنهُ بعدَ طلوعِ الفجرِ لا صلاةَ إلَّا [نافلتَهُ] (٣) فقطْ. وأما بعدَ دخولِ العصرِ فالظاهرُ إباحةُ النافلةِ مطلقًا ما لم يصلِّ العصرَ، وهذا نفيٌ للصلاةِ الشرعيةِ، [لا الحسية] (٤)؛ وهوَ في معنى النهي والأصلُ فيهِ التحريمُ، فدلَّ على تحريمِ النفلِ في هذينِ الوقتينِ مطلقًا. والقولُ بأنَّ ذاتَ السببِ تجوزُ كتحيةِ المسجدِ مثلًا وما لا سببَ لها لا تجوزُ، قدْ بينَّا أنهُ لا دليلَ عليهِ في حواشي شرح العمدةِ (٥)، وأما صلاتُهُ - صلى الله عليه وسلم - ركعتينِ بعدَ [صلاةِ] (٦) العصرِ في منزلهِ كما أخرجهُ البخاريُّ (٧) منْ حديثِ عائشةَ: "ما تركَ السجدتينِ بعدَ العصرِ عندي قطٌّ"، وفي لفظٍ (٨): "لم يكن يدعُهُمَا سِرًّا ولا عَلانِيةً"؛ فقدْ أجيبَ عنهُ بأنهُ - صلى الله عليه وسلم - صلَّاهُمَا قضاءً لنافلةِ الظهر لما فاتتْهُ ثمَّ استمرَّ عليهمَا، لأنهُ كانَ إذا عملَ عملًا أثبتهُ، فدلَّ علَى جوازِ قضاءِ الفائتةِ في وقتِ الكراهةِ، وبأنهُ مِنْ خصائصهِ جوازُ النفلِ


(١) البخاري (٢/ ٦١ رقم ٥٨٦)، ومسلم (١/ ٥٦٧ رقم ٢٨٨/ ٨٢٧).
قلت: وأخرجه النسائي (١/ ٢٧٧، ٢٧٨)، وابن ماجه (١/ ٣٩٥ رقم ١٢٤٩)، والبغوي في "شرح السنة" (٣/ ٣١٩ رقم ٧٧٥)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (١/ ٥٩ - ٦٠).
(٢) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ٤٦٥) و (٢/ ٤٦٥ - ٤٦٦) من حديث عبد الله بن عمرو.
وانظر: "نصب الراية" للزيلعى (١/ ٢٥٦).
(٣) في (ب): "نفلَهُ".
(٤) زيادة من (أ).
(٥) (٢/ ٨٣ - ٨٥).
(٦) في (أ): "صلاته".
(٧) في "صحيحه" (٢/ ٦٤ رقم ٥٩١).
(٨) للبخاري في "صحيحه" (٣٢/ ٦٤ رقم ٥٩٢).