للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن يتزرَ بأحدِ طرفي الثوبِ ويرتدي بالطرفِ الآخرِ. وقولُهُ: (يعْني في الصلاةِ) الظاهرُ أنهُ مدرجٌ منْ كلامِ أحدِ الرواةِ قيَّدَ بهِ أخذًا منَ القصةِ؛ فإنَّ فيْها أنهُ قالَ جابرٌ: "جئتُ إليهِ - صلى الله عليه وسلم - وهوَ يصلِّي وعليَّ ثوبٌ فاشتملتُ بهِ وصليتُ إلى جانبهِ، فلما انصرفَ قالَ لي - صلى الله عليه وسلم -: "ما هذَا الاشتمالُ الذي رأيتُ؟ قلتُ: كان ثوبٌ، قالَ: "فإنْ كانَ واسعًا فالتحفْ بهِ، وإذَا كانَ ضيقًا فاتزرْ بهِ". فالحديثُ قدْ أفادَ أنهُ إذا كانَ الثوبُ واسعًا التحف بهِ بعدَ اتزاره بطرفيهِ، [وإنْ] (١) كانَ ضيقًا اتزرَ بهِ لسترِ عورتهِ. فعورةُ الرجلِ منْ تحتِ السرةِ إلى الركبةِ على أشهر الأقوالِ.

٤/ ١٩٦ - وَلَهُمَا (٢) مِنْ حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: "لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ في الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيءْ". [صحيح]

(ولهمَا) أي الشيخينِ (منْ حديثِ أبي هريرةَ - رضي الله عنه -: لا يصلِّي أحدُكمْ في الثوبِ الواحدِ ليسَ على عاتقهِ منهُ شيءٌ)، أي إذا كانَ واسعًا كما دلَّ لهُ الحديثُ الأولُ. والمرادُ ألا يتزرَ في وسطهِ، ويشدَّ طرفي الثوبِ في حقويهِ، بلْ يتوشحُ بهِ على عاتقهِ (٣)، فيحصلُ السترُ لأعالي البدنِ. وَحَمَلَ الجمهورُ هذا النهيَ على التنزيهِ، كما حملُوا الأمرَ في قولهِ: "فالتحفْ بهِ" على الندبِ، وحملَهُ أحمدُ على الوجوبِ، وأنَّها لا تصحُّ صلاةُ مَنْ قدرَ على ذلكَ فتركهُ. وفي روايةٍ عنهُ: تصحُّ الصلاةُ ويأثمُ، فجعلَه على الروايةِ الأُوْلَى منَ الشرائطِ، وعلى الثانيةِ منَ الواجباتِ. واستدلَّ الخطابيُّ للجمهورِ بصلاتهِ - صلى الله عليه وسلم - في ثوبٍ واحدٍ كانَ أحدُ طرفيهِ على بعضِ نسائهِ وهي نائمةٌ قالَ: ومعلومٌ أن الطرفَ الذي هوَ لابسُهُ منَ الثوبِ غيرُ متسعٍ لأنْ يتزرَ بهِ ويفضلَ منهُ ما كانَ لعاتقهِ.


(١) في (ب): "إذا".
(٢) أي للبخاري ومسلم.
أخرجه البخاري (٣٥٩)، ومسلم (٥١٦).
قلت: وأخرجه أبو داود (٦٢٦)، والنسائي (٢/ ٧١ رقم ٧٦٩)، وابن عبد البر في "التمهيد" (٦/ ٣٧٢).
(٣) العاتِقُ: مَوْضِعُ الرِّداءِ من المَنْكب يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ. والتذكيرُ أفصَحُ وأشهَرُ. [القاموس الفقهي ص ٢٤١].