للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَإنْ أَبى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإنَّمَا هُوَ شَيطَانٌ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (١). وفي رِوَايَةٍ (٢): "فَإِن مَعَهُ الْقَرِينَ". [صحيح]

(وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرَيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِذَا صَلَّى أحَدُكمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْترهُ مِنَ النَّاسِ) مما سلفَ تعيينهُ منَ السترةِ وقدْرِها، وقدرِ كَمْ يكونُ بينَها وبينَ المصلِّي (فَأَرَادَ أحَد أَنْ يَجْتَازَ) أي: يمضي (بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدفَعْهُ) ظاهرهُ وجوبًا، (فَإِنْ أَبَى) أي عن الاندفاعِ (فَلْيُقَاتِلْه) ظاهرهُ كذلك، (فَإِنَّمَا هوَ شَيْطَانٌ)؛ تعليلٌ للأمرِ بقتالهِ، أو لعدمِ اندفاعهِ، أو لهمَا. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وفِي رِوَايَةٍ) أي لمسلمٍ منْ حديثِ أبي هريرةَ: (فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ). في القاموسِ (٣): القرينُ الشيطانُ المقرونُ بالإِنسانِ لا يفارقهُ. وظاهرُ كلام المصنفِ أن روايةَ: (فإن معهُ القرينَ) متفقٌ عليْها بينَ الشيخينِ منْ حديثِ أَبي سعيدٍ، ولمْ أجدْها في البخاريِّ، ووجدتُها في صحيحِ مسلمٍ، لكنْ مِنْ حديثِ أبي هريرةَ. والحديثُ دالٌ بمفهومهِ [على] (٤) أنهُ إذا لمْ يكنْ للمصلِّي سترةٌ فليسَ لهُ دفعُ المارِّ بينَ يديهِ، وإذا كانَ لهُ سترةٌ دفعهُ. قالَ القرطبيُّ: بالإشارةِ ولطيفِ المنعِ، [فإنْ] (٥) لمْ يمتنعْ عن الاندفاعِ قاتلَهُ أي [دفعهُ] (٦) دفْعًا أشدَّ منَ الأولِ. قالَ: وأجمَعُوا أنهُ لا يلزمُ أنْ يقاتلهُ بالسلاحِ لمخالفةِ ذلكَ قاعدةَ الصلاةِ منَ الإقبالِ عليْها، والاشتغالِ بها والخشوع. هذَا كلامُه. وأطلقَ جماعةٌ أن له قتالَه حقيقةً، وهوَ ظاهرُ اللفظِ. والقولُ بأَنهُ يدفعهُ بلعنهِ وسبِّهِ، يردهُ لفظُ هذَا الحديثِ، ويؤيدُه فعلُ أبي سعيدٍ راوي الحديثِ معَ الشابِّ الذي أرادَ أنْ يجتازَ بينَ يديهِ وهوَ يصلِّي، أخرجهُ البخاريّ (٧) عنْ


(١) البخاري (٥٠٩)، ومسلم (٢٥٩/ ٥٠٥).
قلت: وأخرجه أبو داود (٧٠٠)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٤٦٠ - ٤٦١)، والبيهقي (٢/ ٢٦٧)، ومالك في "الموطأ" (١/ ١٥٤ رقم ٣٣)، والبغوي في "شرح السنة" (٢/ ٤٥٥ رقم ٥٤٤)، وابن خزيمة (٢/ ١٥ رقم ٨١٧)، وأحمد (٣/ ٦٣).
(٢) أي لمسلم في "صحيحه" (٢٦٠/ ٥٠٦) من حديث ابن عمر. وليست من حديث أبي سعيد كما قال ابن حجر، ولا من حديث أبي هريرة كما قال الأمير الصنعاني.
(٣) "المحيط" (ص ١٥٧٩).
(٤) زيادة من (أ).
(٥) في (أ): "فإذا".
(٦) في (أ): "دافعه".
(٧) في "صحيحه" (٥٠٩).