للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بأنَّ المرادَ بقولَهِ يحمدُه غيرُ القراءةِ، وهوَ دعاءُ الافتتاحِ، فيؤخذُ منهُ وجوبُ مطلقِ الحمدِ والثناءِ بعدَ تكبيرةِ الإحرامِ. ويأتي الكلامُ في ذلك، (وَيُثْنِي عَلَيْهِ) بهَا.

(وفيْها) أي في روايةِ النسائيِّ وأبي داودَ عن رِفاعةَ: (فَإِنْ كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فَاقَرَأْ وَإِلَّا) أي وإنْ لمْ يكنْ معكَ قرآنٌ (فَاحْمَدِ اللَّهَ)، أيْ ألفاظِ الحمدُ للَّهِ، والأظهرُ أنْ يقولَ: الحمدُ لله، (وَكَبِّرْهُ) بلفظِ: اللَّهُ أكبرُ، (وَهَلِّلْهُ) بقولِ لا إلهَ إلَّا اللَّهُ؛ فدلَّ [على] (١) أن هذهِ عوض [القراءة] (٢) لِمَنْ ليسَ لهُ قرآنٌ يحفظهُ. (وَلأَبي دَاوُدَ [أي] (٣) منْ روايةِ رفاعةَ: ثمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَبِمَا شَاءَ اللَّهُ، وَلاِبْنِ حِبَّانَ: ثمَّ بِمَا شِئْتَ).

هذا حديثٌ جليلٌ يعرفُ بحديثِ المسيءِ صلاتُهُ، وقد اشتملَ على تعليم ما يجبُ في الصلاة وما لا تتمُّ إلا به، فدلَّ على وجوب الوضوءِ لكلِّ قائم إلى الصلاةِ وهوَ كما دلتْ عليهِ الآيةُ: {إِذَا قُمتُمْ إِلَى الْصَّلَاة} (٤)، والمرادُ لمنْ كانَ محدِثًا كما عُرِفَ مِنْ غيرِهِ. وقدْ فصَّلَ ما أجملتْهُ رواية البخاري روايةُ النسائيِّ بلفظِ: "حتَّى يسبغَ الوضوءَ كما أمرهُ اللَّهُ فيغسلُ وجهَهُ ويديْهِ إلى المرفقينِ، ويمسحُ برأسِهِ ورجليْهِ إلى الكعبينِ". وهذا التفصيلُ دلَّ على عدمِ وجوبِ المضمضة والاستنشاقِ، ويكونُ هذا قرينة على حملِ الأمرِ بهمَا حيثُ وردَ علىَ الندبِ، ودلَّ على [وجوب] (٥) استقبالِ القبلةِ قبلَ تكبيرةِ الإحرامِ. وقدْ تقدمَ وجوبُهُ وبيانُ عفوِ الاستقبالِ للمتنفلِ الراكبِ، ودلَّ على وجوبِ تكبيرةِ الإحرام، وعلى تعيينِ [ألفاظِها] (٦) روايةُ الطبرانيِّ لحديثِ رفاعةَ بلفظِ: "ثمَّ يقولُ اللهُ أكبرُ"، وروايةُ ابن ماجَهْ (٧) التي صحَّحها ابنُ خزيمةَ (٨)، وابنُ حبانَ (٩) منْ حديثِ أبي حُمَيْدٍ مِنْ فعلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قامَ إلى الصلاةِ اعتدلَ قائمًا، ورفع يديه، ثمَّ قالَ اللَّهُ أكبرُ"، ومثلُهُ أخرجهُ البزارُ (١٠) منْ حديثِ عليٍّ عليه السلام بإسنادٍ صحيح على شرطِ مسلمٍ: "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا قامَ إلى الصلاةِ قالَ: اللَّهُ أكبرُ"، فهذَا يبينُ أن المرادَ مِنْ


(١) زيادة من (ب).
(٢) في (أ): "عن القرآن".
(٣) زيادة من (ب).
(٤) سورة المائدة: الآية ٦.
(٥) في (ب): "إيجاب".
(٦) في (أ): "لفظها".
(٧) في "السنن" (١/ ٢٨٠ رقم ٨٦٢).
(٨) في "صحيحه" (١/ ٢٩٧ رقم ٥٨٧).
(٩) في "الإحسان" (٣/ ١٦٩ رقم ١٨٦٢).
(١٠) عزاه إليه ابن حجر في "التلخيص" (١/ ٢١٧).