للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبي حُمَيْدٍ الساعديِّ (١). (وإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ) رفعَهُما، (وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ) أي: أرادَ أنْ يرفعَهُ (مِنَ الرُّكُوعِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). فيهِ شرعيةُ رفعِ اليدينِ في هذهِ الثلاثةِ المواضعِ، أمَّا عندَ تكبيرةِ الإحرامِ فتقدمَ فيهِ الكلامُ، وأما عندَ الركوعِ والرفعِ مِنْهُ فهذَا الحديثُ دلَّ على مشروعيةِ ذلكَ. قالَ محمدُ بن نصرٍ المروزيِّ: أجمعَ علماءُ الأمصارِ على ذلكَ إلَّا أهلَ الكوفةِ. قلتُ: والخلافُ فيهِ للهاوديةِ مطلقًا في المواضعِ الثلاثةِ، واستُدِلَّ للهادي عليه السلام في البحرِ (٢) بقولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ما لي أراكم [الحديث] (٣) "، قلتُ: وهوَ إشارةٌ إلى حديثِ جابرِ بن سمرةَ أخرجَهُ مسلمٌ (٤)، وأبو داودَ (٥)، والنسائيُّ (٦)، ولفظهُ عنهُ قَالَ: "كنَّا إذا صَلَّيْنَا معَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قلْنا بأيدينَا السلامُ عليكمْ ورحمةُ اللَّهِ وأشارَ بيديهِ إلى الجانبينِ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: علامَ تُوْمِئُونَ بأيديْكمْ، ما لي أرى أيديْكم كأذنابِ خيلِ شُمسٍ، اسكنُوا في الصلاةِ، وإنما يكفي أحدَكم أنْ يضعَ يدَهُ على فَخِذِهِ، ثمَّ يسلِّمَ على أخيهِ عنْ يمينهِ وشمالهِ" انتهى بلفظهِ. وهوَ حديثٌ صريحٌ في أنهُ كانَ ذلكَ في إيمائِهم بأيديهمْ عندَ السلامِ، والخروجِ منَ الصلاةِ، وسببهُ صريحٌ في ذلكَ.

وأما قولُهُ: "اسكنُوا في الصلاةِ" فهوَ عائدٌ إلى ما أنكرهُ عليهمْ منَ الإيماءِ إلى كل حركة في الصلاةِ؛ فإنهُ معلومٌ أنَّ الصلاةَ مركبةٌ منْ حركاتٍ وسكونٍ وذكرِ [الله] (٧)، قالَ المقبليُّ في المنارِ (٨) على كلامِ الإمامِ المهديِّ: إنْ هذا كان غفلةً منَ الإمامِ إلى هذَا الحد فقدْ أبعدَ، وإنْ كانَ معَ معرفتهِ حقيقةُ الأمرِ، فهوَ أورعُ وأرفعُ منْ ذلكَ، والإكثارُ في هذا لجاجٌ مجردٌ، وأمرُ الرفعِ أوضحُ منْ أنْ تورَدَ لهُ


(١) رقم الحديث (٣/ ٢٥٤).
(٢) (١/ ٢٣٩ - ٢٤٠).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) في "صحيحه" رقم (٤٣١) وقد تقدَّم.
(٥) في "السنن" رقم (٩٩٨) وقد تقدم.
(٦) في "السنن" رقم (١٣١٨) وقد تقدَّم.
(٧) في (أ): "لله".
(٨) وهو: "المنار في المختار من جواهرِ البحر الزخار، حاشية العلامة المجتهد صالح بن مهدي المقبلي على البحر الزخار" (١/ ١٧٣ - ١٧٤) وتمام قوله: " .. وإن تكلف أتباعه لإذاعتها، فهو عدو في صورة صديق عند التوفيق، وقد انفرد الأنبياء بالعصمة، والذي وافق الهادي ممن بعده من ديدن الأتباع في كل فرقة، ومن تقدمه أو تأخر أو عاصره: كزيد بن علي، والناصر والمؤيد، وأحمد بن عيسى وغيرهم، نصوا على الرفع، وحسن الظن بالقاسم يقتضي صحة رواية الرفع عنه وترجيحها … " اهـ.