للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والدليلُ ظاهرٌ [معَ أهل القولِ الأولِ] (١). وبيانهُ منْ وجهينِ، (الأولِ): أن في بعضِ ألفاظِه بعدَ تعليمهِ - صلى الله عليه وسلم - لهُ ما ذكرهُ منَ القراءةِ والركوعِ والسجودِ والاطمئنانِ [إلى] (٢) [آخرِه أنهُ] (٣) قالَ الراوي: فوصفَ [أي] (٢) رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصلاةَ هكذَا أربعَ ركعاتٍ حتَّى فرغَ ثمَّ قالَ: "لا تتمُّ صلاةُ أحدِكم حتَّى يفعلَ ذلكَ". ومعلومٌ أن المرادَ منْ قولِهِ: يفعلُ ذلِكَ أيْ كلَّ ما ذكرَهَ منَ القراءةِ بأمِّ الكتاب وغيرها في كلِّ ركعةٍ لقولهِ: فوصفَ الصلاةَ هكذا أربعَ ركعاتٍ، (والثاني): أن ما ذكرهُ - صلى الله عليه وسلم - معَ القراءةِ منْ صفاتِ الركوعِ والسجودِ والاعتدالِ ونحوِهِ مأمورٌ بهِ في كل ركعةٍ كما يفيده هذا الحديث، والمخالف في قراء الفاتحة في كل ركعة لا يقولُ إنهُ يكفي الركوعُ والسجودُ والاطمئنانُ في ركعةٍ واحدةٍ منْ صلاتهِ أوْ يفرقُها في [ركعاتِها] (٤)، فكيفَ يقولُ إنَّ القراءةَ بالفاتحةِ تنفردُ منْ بين هذهِ المأموراتِ بأنَّها لا تجبُ إلَّا في ركعةٍ واحدةٍ، أو [يفرقُ] (٥) بينَ الركعاتِ، وهذا تفريقٌ بينَ أجزاءِ الدليلِ بلا دليلٍ، فتعيَّنَ حينئذٍ أن المرادَ منْ قولهِ: "ثمَّ افعلْ ذلكَ في صلاتِكَ كلّها"، في ركعاتِها. ثمَّ رأيتُ بعدَ كتب هذا أنهُ أخرجَ أحمدُ (٦)، والبيهقيُّ (٧)، وابنُ حبانَ (٨) بسندٍ صحيحٍ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لخلادِ بن رافع وهوَ المسيءُ صلاتَهُ: "ثمَّ اصنعْ ذلكَ في كلِّ ركعةٍ"، ولأنهُ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يقرأُ بها في كلِّ ركعةٍ كما رواهُ مسلمٌ وقالَ: "صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي" (٩). ثمَّ ظاهرُ الحديثِ [وجوبُ قراءتِها] (١٠) في سريةٍ وجهريةٍ للمنفردِ والمؤتَمِّ، أما المنفردُ فظاهرٌ، وأما المؤتمُّ فدخولُهُ في ذلكَ واضحٌ وزادهُ إيضاحًا في قولهِ: (وفي أخْرَى) منْ روايةِ عُبَادَةَ (لأَحْمَدَ، وَأَبَي دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَابْنِ حِبَّانَ: لَعَلَّكُمْ تَقْرَأونَ خَلْفَ إِمَامِكُمْ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قالَ: لا تفعلُوا إلا بفاتحةِ الكتاب فإنهُ لا صلاةَ لمنْ لمْ يقرأْ بِها)؛ فإنهُ [دليل] (١١) عَلَى


(١) في (أ): "مع من قال بالوجوب".
(٢) زيادة من (ب).
(٣) في (أ): "ثم".
(٤) في (ب): "الركعات".
(٥) في (ب): "تفريق".
(٦) في "الفتح الرباني" (٣/ ١٥٥ - ١٥٦ رقم ٤٨٢).
(٧) في "السنن الكبرى" (٢/ ٣٧٣).
(٨) في "الإحسان" (٣/ ١٣٨ - ١٣٩ رقم ١٧٨٤). كلهم من حديث رِفاعة بن رافع.
(٩) وهو حديث صحيح. تقدم تخريجه في "شرح الحديث" رقم (٣/ ٢٥٤).
(١٠) في (أ): "وجوبها".
(١١) في (ب): "دل".