للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

داودُ: إنَّها شرطٌ في صحةِ الصلاةِ بناء على ما يختارهُ مِنْ أن كلَّ واجبٍ في الصلاةِ فهوَ شرطٌ فيها، [ولمْ يسلَّمْ لهُ هذا لأنَّ الشرطيةَ لا بدَّ لها منْ دليلٍ، ولذَا قالَ أحمدُ وغيرُه: إنَّها واجبةُ غيرُ شرطٍ] (١)، وذهبَ أبو العباسِ تحصيلًا لمذهبِ الهادي أنَّها فرضُ كفايةٍ، وإليهِ ذهبَ الجمهورُ من متقدِّمي الشافعيةِ، وكثيرٌ من الحنفيةِ والمالكيةِ، وذهبَ زيدُ بنُ عليٍّ والمؤيَّدُ باللهِ، وأبو حنيفةَ، وصاحباهُ، والناصرُ إلى أنَّها سنةٌ مؤكدةٌ.

استدلَّ القائلُ بالوجوبِ بحديثِ البابِ؛ لأنَّ العقوبةَ البالغة لا تكونُ إلَّا على تركِ الفرائضِ، وبغيرهِ من الأحاديثِ؛ كحديثِ ابن أمّ مكتوم أنهُ قالَ: "يا رسولَ اللهِ، قد علمتَ ما بي، وليسَ لي قائدٌ، وإنَّ بيني وبينَ المسجدِ شجرًا ونخلًا، ولا أقدرُ على قائدٍ كلَّ ساعةٍ، قال - صلى الله عليه وسلم -: "أتسمعُ الإقامةَ قالَ: نعم، قال: "فاحضرها"، أخرجهُ أحمدُ (٢)، وابنُ خزيمةُ (٣)، والحاكمُ (٤)، وابنُ حبانَ (٥) بلفظِ: "أتسمعُ الأذانَ؟ قالَ: نعمْ، قالَ: فأتِها ولو حبوًا"، والأحاديثُ في معناهُ كثيرةٌ، ويأتي حديثُ ابن أمِّ مكتومٍ (٦)، وحديثُ ابن عباس (٧).

وقد أطلق البخاريُّ (٨) الوجوبَ عليها [وبوَّبَ له] (٩) بقولِهِ: بابُ وجوبِ صلاةِ الجماعةِ. وقالُوا: هي فرضُ عينٍ؛ إذْ لو كانت فرضَ كفايةٍ لكانَ قد أسقطَ وجوبَها فعلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ومَنْ معهُ لها، وأمّا التحريقُ في العقوباتِ بالنارِ، فإنهُ وإنْ كانَ قد ثبتَ النهيُ عنهُ عامًا فهذا خاصٌّ، وأدلةُ القائلِ بأنَّها فرضُ كفايةٍ أدلةُ مَنْ


(١) زيادة من (ب).
(٢) في "المسند" (٣/ ٤٢٣).
(٣) في "صحيحه" (٢/ ٣٦٨ رقم ١٤٨٠)، بإسناد صحيح.
(٤) في "المستدرك" (١/ ٢٤٧) وصحَّحه ووافقه الذهبي.
(٥) في "الإحسان" (٥/ ٤١٢ رقم ٢٠٦٣)، بإسناد ضعيف.
قلت: وأخرجه أبو داود (٥٥٢)، وابن ماجه (٧٩٢)، والبغوي (٣/ ٣٤٨ رقم ٧٩٦)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٦٦).
وهو حديث صحيح، وله طرق أخرى. انظر في: "الإحسان" بتخريج الشيخ شعيب الأرنؤوط.
(٦) رقم (٤/ ٣٧٣).
(٧) رقم (٥/ ٣٧٤).
(٨) في "صحيحه" (٢/ ١٢٥ الباب: ٢٩).
(٩) في (ب): "وبوبهُ".