للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالَ: إنَّها فرضُ عينٍ بناءً على قيامِ الصارفِ للأدلةِ [على] (١) فرضِ العينِ إلى فرضِ الكفايةِ، وقدْ أطالَ القائلونَ بالسنيةِ الكلامَ في الجواباتِ عن هذا الحديثِ بما لا يشفي، وأقربُها أنهُ خرجَ مخرجَ الزجرِ لا الحقيقةِ بدليلِ أنهُ لمْ يفعله - صلى الله عليه وسلم -، واستدلَّ القائلُ بالسنيةِ بقولهِ - صلى الله عليه وسلم - في حديثٍ أبي هريرةَ: "صلاةُ الجماعةِ أفضلُ من صلاةِ الفذِّ" (٢)؛ فقد اشتركَا في الفضيلةِ، ولو كانتِ الفرادَى غيرَ مجزئةٍ لما كانتْ لها فضيلةٌ أصلًا، وحديثُ: "إذا صليتُما في رحالِكُما" (٣)، فأثبتَ لهما الصلاةَ في رحالِهما، ولم يبينْ أنَّها إذا كانت جماعة، وسيأتي.

٣/ ٣٧٢ - وَعَنْهُ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَثْقَلُ الصَّلاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ: صَلاةُ العِشَاءِ، وَصَلاةُ الفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأتوْهُمَا وَلَوْ حَبْوا"، مُتَّفَق عَلَيْهِ (٤). [صحيح]

(وعنهُ) أي: أبي هريرةَ (قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أثقلُ الصلاةِ علي المنافقينَ) فيهِ أن الصلاةَ كلها عليهم ثقيلةٌ، فإنَّهم الذينَ إذا قامُوا إلى الصلاةِ قامُوا كسالى، ولكنَّ الأثقلَ عليهم (صلاةُ العشاءِ)؛ لأنَّها في وقتِ الراحةِ والسكونِ، (وصلاةُ الفجرِ) لأنَّها في وقتِ النومِ، وليسَ لهم داعٍ دينيٌّ ولا تصديقٌ بأجرِهِما حتَّى يبعثَهم على إتيانِهما، ويخفَّ عليهمُ الإتيانُ بهما، ولأنَّهما في ظلمةِ الليلِ، وداعي الرياءِ الذي لأجلهِ يصلونَ منتفٍ لعدمِ مشاهدةِ مَنْ يُراءُونَهُ منَ الناسِ إلّا القليلَ. فانتفى الباعثُ الدينيُّ منهما كما انتفَى في غيرِهما، ثمَّ انتفَى الباعثُ الدنيويُّ الذي في غيرِهما؛ ولذا قالَ - صلى الله عليه وسلم - ناظرًا إلى انتفاءِ الباعثِ الدينيِّ عندَهم: (ولو يعلمونَ ما فيهمَا) في فعلِهما من الأجرِ (لأتَوْهُمَا) إلى المسجدِ (ولو حَبْوًا) أي: [ولو مشوا] (٥) حبوًا، أي: كحبوِ الصبيِّ على يديهِ وركبتيهِ، وقيلَ: هو الزحفُ


(١) في (أ): "عن".
(٢) وهو حديث صحيح، تقدَّم تخريجه رقم (١/ ٣٧٠).
(٣) رقم (٦/ ٣٧٥).
(٤) البخاري (٦٥٧)، ومسلم (٢٥٢/ ٦٥١).
قلت: وأخرجه ابن ماجه (١/ ٢٦١ رقم ٧٩٧)، والدارمي (١/ ٢٩١) وغيرهما. وقد تقدَّم تخريجه رقم (٢/ ٣٧١) بلفظ آخر.
(٥) في (أ): "مشيًا".