للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وسيأتي (١)، ويحملونَ هذا النهيَ على التنزيهِ، أو يقولونَ: الحديثُ ضعيفٌ.

ويدلُّ أيضًا [على] (٢) أنهُ لا يؤمُّ الأعرابيُّ مهاجرًا، ولعلهُ محمولٌ على الكراهةِ؛ إذْ كانَ في صدرِ الإسلامِ.

ويدلُّ أيضًا على أنهُ لا يؤمُّ الفاجرُ - وهوَ المنبعثُ في المعاصي - مؤمنًا، وإلى هذا ذهبت الهادويةُ، فاشترطُوا عدالةَ مَنْ يُصلَّى خلفَهُ، وقالُوا: لا تصحُّ إمامةُ الفاسق، وذهبتِ الشافعيةُ والحنفيةُ إلى صحةِ إمامتهِ، مستدلينَ بما يأتي من حديثٍ ابن عمرَ (٣) وغيرهِ، وهي أحاديثُ كثيرةٌ دالّةٌ على صحةِ الصلاةِ خلفَ كلِّ برٍّ وفاجرٍ، إلَّا أنَّها كلُّها ضعيفة، وقد عارضَها حديثُ: "لا يؤمَّنَّكم ذُو جرأةٍ في دينِهِ" (٤) ونحوهُ، وهي أيضًا ضعيفة. قالُوا: فلمِّا ضعفت [الأحاديثُ] (٥) منَ الجانبينِ رجعنا إلى الأصلِ، وهي أن مَنْ صحَّتْ صلاتهُ صحَّتْ إمامتُه، وأيّد ذلكَ فعلُ الصحابةِ، فإنهُ أخرجَ البخاريُّ في التاريخِ (٦) عن عبد الكريمِ أنهُ قالَ: "أدركتُ عَشْرَةً من أصحابِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - يصلُّونَ خلفَ أئمةِ الجورِ"، ويؤيّدهُ أيضًا حديثُ مسلم (٧): "كيفَ أنتَ إذا كانَ عليكم أمراءُ يؤخّرونَ الصلاةَ عن وقتِها، أو يميتونَ الصلاةَ عن وقتِها؟ قال: فما تأمرُني؟ قال: صلِّ الصلاةَ لوقتِها فإنْ أدركتَه معهم فصلِّ؛ فإنَّها لك نافلةٌ". فقد أذنَ بالصلاةِ خلفَهم وجعلَها نافلةً لأنَّهم أخرجُوها عن وقتِها، وظاهرهُ أنَّهم لو صلَّوها في وقتها لكانَ مأمورًا بصلاتها خلفَهم فريضةً.


(١) رقم (٢٥/ ٣٩٤).
(٢) زيادة من (ب).
(٣) رقم (٢٨/ ٣٩٧).
(٤) قال الشوكاني في "نيل الأوطار" (٣/ ١٦٣) عن هذ الحديث: "قد ثبت في كتب جماعة من أئمة أهل البيت: كأحمد بن عيسى، والمؤيد بالله، وأبي طالب، وأحمد بن سليمان، والأمير الحسين وغيرهم، عن علي عليه السلام مرفوعًا" اهـ.
قلت: وهو حديث ضعيف.
(٥) في (أ): "الحديثين".
(٦) "الكبير" (٦/ ٩٠ رقم ١٨٠٠).
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (٣/ ١٦٣): "وأما قول عبد الكريم البكاء … فهو ممن لا يحتج بروايته، وقد استوفى الكلام عليه في "الميزان" (٢/ ٦٤٦) "اهـ.
(٧) في "صحيحه" (١/ ٤٤٨ رقم ٢٣٨/ ٦٤٨) من حديث أبي ذرٍّ.