للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيهمَا، وفسّرهُ الهرويُّ (١) على روايةِ الفتحِ بالطريقِ، أي: أحسنَ الطريقِ طريقُ محمدٍ، وعلى روايةِ الضمِّ معناهُ الدلالةُ والإرشادُ، وهو الذي يضافُ إلى الرسلِ وإلى القرآنِ، قالَ تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي} (٢)، {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي} (٣)، وقد يضافُ إليهِ تعالى، وهوَ بمعنَى اللطفِ والتوفيق والعصمة: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} (٤) الآيةَ.

(وشرَّ الأمورِ محدثاتُها)، المرادُ بالمحدَثاتِ ما لم يكن ثابتًا بشرعٍ منَ الله ولا مِن رسولهِ، (وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ) البدعةُ لغةً: ما عُمِلَ على غيرِ مثالٍ سابقٍ، والمرادُ بها هنا: ما عُمِلَ مِن دونِ أن يسبقَ لهُ شرعيةٌ من كتابٍ ولا سنةٍ، (رواهُ مسلمٌ).

وقد قسَّمَ العلماءُ البدعةَ خمسةَ أقسامٍ: واجبةٌ: كحفظِ العلويم بالتدوينِ، والردِّ على الملاحدةِ بإقامةِ الأدلةِ، ومندوبةٌ: كبناءِ المدارسِ، ومباحةٌ: كالتوسعة في ألوانِ الأطعمةِ وفاخرِ الثيابِ، ومحرَّمةٌ ومكروهةٌ: وهما ظاهرانِ، فقولُه: "كلُّ بدعةٍ ضلالةٌ" (٥) عامٌّ مخصوصُ.


(١) في غريب الحديث لفظ "هدى".
(٢) سورة الشورى: الآية ٥٢.
(٣) سورة الإسراء: الآية ٩.
(٤) سورة القصص: الآية ٥٦.
(٥) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم" (ص ٢٧٤) ""ولا يحل لأحد أن يقابل هذه الكلمة الجامعة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكلية، وهي قوله: "كل بدعة ضلالة" بسلب عمومها، وهو أن يقال: ليس كل بدعة ضلالة، فإن هذه إلى مشاقة الرسول أقرب منه إلى التأويل" اهـ.
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في كتابه "جامع العلوم والحكم" (ص ٢٥٢): "فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل بدعة ضلالة" من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيء، وهو أصل عظيم من أصول الدين وهو شبيه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أحْدَثَ في أمرنا ما ليس منه فهو رد"، وفي رواية: "من عَمِلَ عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ". [أخرجه البخاري تعليقًا بصيغة الجزم (٤/ ٣٥٥) ووصله (٥/ ٣٠١)، ومسلم (١٧١٨)، وأبو داود (٤٦٠٦)، وابن ماجه (١٤)].
فكل من أحدث شيئًا ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة، والذين بريء منه، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة، وأمّا ما وقع من كلام السلف من استحسان بعض البدع فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية … " اهـ.
وانظر كتابنا: "مدخل إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة"، الفائدة الرابعة: البدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة.