للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأحاديثِ والآثارِ لا يقوى على تخصيصِها لما في أسانيدِها منَ المقالِ.

قلت: حديثُ زيدِ بن أرقمٍ قد صحَّحهُ ابنُ خزيمةَ، ولم يطعنْ غيرُه فيهِ، فهوَ يصلحُ للتخصيصِ، فإنهُ يُخَصُّ العامُّ بالآحادِ، وذهبَ عطاءُ إلى أنهُ يسقطُ فرضُها عن الجميعِ لظاهرِ قولهِ: "من شاءَ أنْ يصلِّي فليصلِّ"، ولفعلِ ابن الزبيرِ، فإنهُ صلَّى بهم في يومِ عيدٍ صلاةَ العيدِ يومَ الجمعةِ، قالَ عطاءٌ: ثمَّ جئْنا إلى الجمعةِ فلمْ يخرجْ إلينا فصلَّيْنَا وُحْدَانًا، قالَ: وكانَ ابنُ عباسٍ في الطائفِ، فلمَّا قدمَ ذكرَنا لَهُ ذلكَ، فقالَ: أصابَ السنةَ، وعندهُ أيضًا أنه يسقطُ فرضُ الظهرِ، ولا يصلِّي إلّا العصرَ. وأخرجَ أبو داودَ (١) عن ابن الزبيرِ: "أنهُ قالَ: عيدانِ اجتمعا في يومٍ واحدٍ فجمعَهما فصلاهُما ركعتينِ بكرةً لم يزدْ عليهما حتى صلَّى العصرَ"، وعلى القولِ بأنَّ الجمعةَ (الأصل) (٢) في يومِها، والظهرُ بدلٌ فهوَ يقتضي صحةَ هذا القولِ لأنهُ إذا سقطَ وجوبُ الأصلِ معَ إمكانِ أدائِه سقطَ البدلُ.

وظاهرُ الحديثِ أيضًا حيثُ رخّصَ لهم في الجمعةِ، ولم يأمرهم بصلاةِ الظهرِ معَ تقديرِ إسقاطِ الجمعةِ للظهرِ يدلُّ على ذلكَ كما قالهُ الشارحُ، وأيَّدَ الشارحُ مذهبَ ابن الزبيرِ.

قلت: [و] (٣) لا يَخْفَى أن عطاءً أخبرَ أنهُ لم يخرجِ ابنُ الزبيرِ لصلاةِ الجمعةِ، وليسَ ذلكَ بنصٍّ قاطعٍ أنهُ لم يصل الظهرَ في منزلهِ، فالجزمُ بأنَّ مذهبَ ابن الزبيرِ سقوطُ صلاةِ الظهرِ في يومِ [الجمعةِ] (٤) يكونُ عيدًا على مَنْ صلَّى صلاةَ العيدِ لهذهِ الروايةِ غيرُ صحيحٍ لاحتمالِ أنهُ صلَّى الظهرَ في منزلهِ، بلْ [في] (٥) قولِ عطاءٍ: إنَّهم صلَّوا وُحْدانًا - أي: الظهرَ - ما يشعرُ بأنهُ لا قائلَ بسقوطهِ، ولا يقالُ: إنَّ مرادَه صلَّوا الجمعةَ وحدانًا، فإنَّها لا تصحُّ إلا جماعةً إجماعًا، ثمَّ القولُ بأنَّ الأصلَ في يومِ الجمعةِ صلاةُ الجمعةِ، والظهرُ بدلٌ عنها قولٌ مرجوحٌ، بلِ الظهرُ هوَ الفرضُ الأصليُّ المفروضُ ليلةَ الإسراءِ، والجمعةُ متأخرٌ فرضُها، ثمَّ إذا فاتتْ وجبَ [صلاة] (٥)


= و"المجموع شرح المهذب" (٤/ ٤٩٢).
(١) (١/ ٦٤٧ رقم ١٠٧٢).
(٢) في (أ): "أصل".
(٣) زيادة من (أ).
(٤) في (أ): "جمعة".
(٥) زيادة من (أ).