للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخروجِ طلبُ الاجتماعِ، ولذا أمرَ - صلى الله عليه وسلم - بإخراجِ العواتقِ وذواتِ الخدورِ، فإذا حصلَ ذلكَ في المسجدِ فهوَ أفضلُ، ولذلكَ فإنَّ أهلَ مكةَ لا يخرجون لسعةِ مسجدِها وضيقِ أطرافِها، وإلى هذا ذهبَ الإمامُ يحيى وجماعة وقالُوا: الصلاةُ في المسجدِ أفضلُ (١).

والقولُ [الأولُ] (٢) للهادويةِ ومالكٍ أن الخروجَ إلى الجبَّانةِ أفضلُ ولو اتّسعَ المسجدُ للناسِ، وحجّتُهم محافظتُه - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ولم يصلِّ في المسجدِ إلَّا لعذرِ المطرِ، ولا يحافظُ - صلى الله عليه وسلم - إلَّا على الأفضلِ، ولقولِ عليٍّ - صلى الله عليه وسلم - فإنهُ رُوِيَ أنهُ خرجَ إلى الجبَّانةِ لصلاةِ العيدِ، وقالَ: "لولا أنهُ السنةُ لصلّيتُ في المسجدِ، واستخلفَ مَنْ يصلّي بضعفةِ الناس في المسجد" (٣). قالُوا: فإنْ كانَ في الجبانةِ مسجدٌ مكشوفٌ فالصّلاةُ [فيه] (٤) أفضلُ، وإنْ كان مسقوفًا ففيهِ تردّدٌ (٥).

(فائدةٌ): التكبيرُ في العيدينِ مشروعٌ عندَ الجماهيرِ، فأمّا تكبيرُ عيدِ الإفطارِ فأوجبَه الناصرُ؛ لقولهِ تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} (٦)، والأكثرُ أنهُ سنَّةٌ ووقتُه [مجهولٌ] (٧) مختَلفٌ فيهِ على قولينِ: فعندَ الأكثرِ أنهُ من عند خروجِ الإمامِ للصلاةِ إلى ابتداءِ الخطبةِ، وذكرَ فيهِ البيهقيُّ (٨) حديثينِ، وضعَّفَهُما، لكنْ قال الحاكمُ (٩): هذهِ سنةٌ تداولَها أئمّةُ الحديثِ، وقد صحَّتْ بهِ الروايةُ عن ابن عمرَ (١٠) وغيرهِ من الصحابةِ. والثاني للناصرِ: أنهُ من مغربِ أولِ ليلةٍ من شوال إلى عصرِ يومِها خلفَ كلِّ صلاةٍ. وعندَ الشافعي: إلى خروجِ الإمامِ، أو حتَّى يصلِّي، أو حتَّى يفرغَ منَ الخطبةِ. أقوالٌ عنهُ.


(١) انظر رسالة المحدث الألباني: "صلاة العيدين في المصلَّى هي السنة".
(٢) في (ب): "الثاني".
(٣) أخرجه ابن أَبي شيبة في "المصنف" (٢/ ١٨٥).
(٤) زيادة من (ب).
(٥) انظر: "نيل الأوطار" (٣/ ٢٩٢).
(٦) سورة البقرة: الآية ١٨٥.
(٧) زيادة من (ب).
(٨) في "السنن الكبرى" (٢/ ٢٧٩).
(٩) في "المستدرك" (١/ ٢٩٨).
(١٠) أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (٤/ ٢٥٠ رقم ٢١٠١)، والفريابي في "أحكام العيدين" (ص ١١٠ رقم ٣٩)، وابن أَبي شيبة في "المصنف" (٢/ ١٦٤)، والدارقطني (٢/ ٤٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٢٧٩)، والحاكم في "المستدرك" (١/ ٢٩٨) عنه بسند صحيح.