للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحديثِ] (١): "فكُفِّنَ أبي وعمي في نَمِرةٍ واحدةٍ"، دليل على الاحتمالِ الأولِ. وأمّا الشارحُ رحمهُ الله فقالَ: الظاهرُ الاحتمالُ الثاني؛ [فإنه أولى فإن في تقطيع الثياب بينهما، وتقديم ستر العورة، وأينما بلغ فيما زاد عليه] (١) كما فعلَ في حمزةَ - رضي الله عنه -.

قلتُ: حديثُ جابرٍ أوضحُ في عدمِ تقطيعِ [الثياب] (٢) بينَهما، فيكونُ أحدُ الجائزينِ، والتقطيعُ جائزٌ على الأصلِ.

الحكم الثاني: أنهُ دلَّ على أنهُ يقدمُ الأكثرُ أخذًا للقرآنِ على غيرهِ لفضيلةِ القرآنِ، ويقاسُ عليهِ سائرُ جهاتِ الفضلِ إذا جُمِعُوا في اللَّحدِ.

الحكمُ الثالثُ: [جواز] (٣) جمعِ جماعةٍ في قبرٍ وكأنهُ للضرورةِ. وبوّبَ البخاريُّ بابُ (دفنِ الرجلينِ والثلاثةِ في قبرٍ) (٤). وأوردَ فيهِ حديثَ جابرٍ هذا وإنْ كانت روايةُ جابرٍ في الرجلينِ، فقد وقعَ ذكرُ الثلاثةِ في روايةِ عبدِ الرزاقِ (٥): كانَ يدفنُ الرجلينِ والثلاثةَ في [القبر الواحد] (٦). ورَوَى أصحابُ السننِ (٧) عن هشامِ بن عامرٍ الأنصاريِّ: "قالَ: جاءتِ الأنصارُ إلى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يومَ أُحُدٍ فقالُوا: أصابَنا قرحٌ وجهدٌ، فقالَ: "حفرُوا، وأوسعُوا، واجعلُوا الرجلينِ والثلاثةَ في قبرٍ"، صحَّحهُ الترمذيُّ، ومثلُه المرأتانِ والثلاثُ.

وأمّا دفنُ الرجلِ والمرأةِ في القبرِ الواحدِ فقد رَوَى عبدُ الرزاقِ (٨) بإسنادٍ حسنِ عن واثلةَ بن الأسقعِ أنهُ كان يدفنُ الرجلُ والمرأةُ في القبرِ الواحدِ، فيقدّمُ الرجلُ وتجعلُ المرأةُ وراءَهُ، وكأنهُ [كانَ] (٣) يجعلُ بينَهما حائلًا من ترابٍ.

الحكمُ الرابعُ: أنهُ لا يغسَّلُ الشهيدُ، وإليهِ ذهبَ الجمهورُ. ولأهلِ المذهبِ


(١) زيادة من (أ).
(٢) في (ب): "الثوب".
(٣) زيادة من (أ).
(٤) الباب رقم (٧٣): (٣/ ٢١١).
(٥) في "المصنف" (٣/ ٤٧٤ - ٤٧٥ رقم ٦٣٧٩) عن جابر.
(٦) في (ب): "قبر واحد".
(٧) أبو داود (٣٢١٥)، الترمذي (١٧١٣)، والنسائي (٤/ ٨٠ - ٨١ رقم ٢٠١١)، وابن ماجه (١٥٦٠).
قلت: وأخرجه أحمد (٤/ ١٩، ٢٠)، والبيهقي (٤/ ٣٤) وسندُهُ صحيح.
وصحَّحه الألباني في "الإرواء" (٣/ ١٩٤ - ١٩٥ رقم ٧٤٣).
(٨) في "المصنف" (٣/ ٤٧٤ رقم ٦٣٧٨) بسند حسن.