للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يصلَّى عليْها فلهُ قيراطٌ، ومنْ شهدَها حتَّى تُدْفَنَ فلهُ قيراطانِ. وقيلَ:) صرَّحَ أبو عوانةَ بأنَّ القائلَ وما القيراطانِ هوَ أبو هريرةَ، (وما القيراطانِ؟ قالَ: مثلُ الجبلينِ العظيمينِ. متفقٌ عليهِ، ولمسلمٍ) أي: [منْ] (١) حديثِ أبي هريرةَ: (حتَّى يوضعَ في اللَّحد. وللبخاري أيضًا منْ حديثِ أبي هريرةَ: منْ تبعَ جنازةَ مسلمٍ إيمانًا واحتسابًا، وكانَ معهُ حتَّى يصلَّى عليها ويُفْرَغَ منْ دفنِها؛ فإنهُ يرجعُ بقيراطينِ، كلُّ قيراطٍ مثلُ أُحُدٍ)، فاتفقَا على صدرِ الحديثِ، ثمَّ انفردَ كلُّ واحدٍ منْهما بلفظٍ. وهذَا الحديثُ رواهُ اثنا عشرَ صحابيًا.

قولُه: "إيمانًا واحتسابًا" قيدَ بهِ لأنهُ لا بدَّ منهُ؛ لأنَّ ترتُّبَ الثواب على العملِ يستدعي سبقَ النية فيخرجُ مَنْ فعلَ ذلكَ على سبيلِ المكافأةِ المجرَّدةِ، أو على سبيلِ المحاباة، ذكرهُ المصنفُ في الفتح (٢). وقولُه: "مثلُ أُحُدٍ". ووقعَ في روايةِ النَّسَائِي (٣): (فلهُ قيراطانِ منَ الأجرِ كلُّ واحدٍ منْهما أعظمُ منْ أُحُدٍ)، وفي روايةٍ لمسلمٍ (٤): "أصغرُهما مثلُ أُحُدٍ"، وعندَ ابن عديٍّ (٥) منْ روايةِ واثلةَ: "كُتِبَ لهُ قيراطان منَ الأجرِ أخفُّهما في ميزانهِ يومَ القيامةِ أثقلُ منْ جبلِ أُحُدٍ". والشهودُ: الحضورُ، وظاهرهُ الحضورُ معَها من ابتداءِ الخروجِ بها. وقدْ وردَ في لفظِ مسلمٍ (٦): "مَنْ خرجَ معَ جنازةٍ منْ بيتها، ثمَّ تبعَها حتَّى تدفنَ، كانَ لهُ قيراطانِ منَ الأجرِ، كل قيراطٍ مثل أُحُدٍ، ومن صلَّى عليها ثم رجع كان له قيراطٌ". والروايات إذا رُدَّ بعضُها إلى بعضٍ تقضي بأنهُ لا يستحقُّ الأجرَ المذكورَ إلَّا مَنْ صلَّى عليْها ثمَّ تبعَها.

وقالَ المصنفُ رَحمه الله: الذي يظهرُ لي أنهُ يحصلُ الأجرُ لمنْ صلَّى وإنْ لم يتبعْ؛ لأنَّ ذلكَ وسيلةٌ إلى الصلاةِ، لكنْ يكونُ قيراطُ مَنْ صلَّى فقطْ دونَ قيراطِ مَنْ صلَّى وتَبعَ.


(١) في (أ): "في".
(٢) (٣/ ١٩٧).
(٣) (٤/ ٧٧ رقم ١٩٩٧).
(٤) في "صحيحه" (٢/ ٦٥٣ رقم ٥٣/ ٩٤٥).
(٥) في "الكامل" (٦/ ٢٣٢٧).
(٦) في "صحيحه" (٢/ ٦٥٣ رقم ٥٦/ ٩٤٥).