للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[وقد] (١) أخرجَ سعيدُ بنُ منصورٍ (٢) منْ حديثِ عروةَ عنْ زيدِ بن ثابتٍ: "إذا صلَّيتَ على جنازةٍ فقدْ قضيتَ ما عليكَ"، أخرجهُ ابنُ أبي شيبةَ (٣) بلفظِ: "إذا صلَّيتُم" وزادَ في آخرِه: - "فخلُّوا بينَها وبينَ أهلِها". ومعناهُ قدْ قضيتَ حقَّ الميتِ، وإن زدت الاتباعَ فلكَ زيادةُ أجرٍ. وعلَّقَ البخاريُّ (٤) قولَ حميدِ بن هلالٍ: "ما علمْنا على الجنازةِ إذنًا ولكنْ مَنْ صلَّى ورجعَ فلهُ قيراطٌ".

وأما حديثُ أبي هريرةَ: "أميرانِ وليسا أميرينِ، الرجلُ يكونُ معَ الجنازةِ يصلِّي عليها فليسَ لهُ أنْ يرجعَ حتَّى يستأذنَ وليَّها"، أخرجهُ عبدُ الرزاقِ (٥)، فإنه حديثٌ منقطعٌ موقوفٌ. وقدْ رويتْ في معناهُ أحاديثُ مرفوعةٌ كلُّها ضعيفةٌ.

ولما كانَ وزنُ الأعمالِ في الآخرةِ ليسَ لنا طريقٌ إلى معرفةِ حقيقتهِ، ولا يعلمهُ إلَّا اللَّهُ، ولمْ يكنْ تعريفُنا لذلكَ إلا بتشبيههِ بما نعرفُه منْ أحوالِ المقاديرِ شُبِّهَ قدْرُ الأجرِ الحاصلِ منْ ذلكَ بالقيراطِ ليبرزَ لنا المعقولَ في صورةِ المحسوسِ. ولما كانَ القيراطُ حقيرَ القدرِ بالنسبةِ إلى ما نعرفُهُ في الدنيا نبَّهَ على معرفةِ قدْرِهِ بأنهُ كأُحُدٍ، الجبلُ المعروفُ بالمدينةِ.

وقولُه: "حتَّى تدفنُ" ظاهرٌ في وقوعِ مطلقِ الدفن، وإنْ لم يفرغْ منهُ كلُّه. ولفظُ: "حتَّى توضعَ في اللحدِ" كذلكَ، وفي الروايةِ الأُخْرى لمسلمٍ (٦): "حتَّى يفرغَ منْ دفنِها"؛ ففِيْها بيانٌ لما في غيرِها.

والحديثُ ترغيبٌ في حضورِ الميتِ والصلاةِ عليهِ ودفنهِ، وفيهِ دلالةٌ علَى عِظَمِ فضلِ اللَّهِ وتكريمهِ للميتِ، وإكرامهِ بجزيلِ الإثابةِ لمنْ أحسنَ إليه بعدَ موتهِ.

تنبيهٌ في حملِ الجنازةِ: أخرجَ البيهقيُّ في "السنن الكبرى" (٧) بسنده إلى


(١) في (أ): "و".
(٢) عزاه إليه ابن حجر في "الفتح" (٣/ ١٩٣).
(٣) في "المصنف" (٣/ ٣١٠).
(٤) في "صحيحه" (٣/ ١٩٢) الباب (٥٧).
(٥) في "المصنف" (٣/ ٥١٤ رقم ٦٥٢٣).
(٦) في "صحيحه" (٢/ ٦٥٢ - ٦٥٣).
(٧) (٤/ ١٩ - ٢٠).
قلت: وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٣/ ٥١٢ رقم ٦٥١٧). وابن أبي شيبة في "المصنف" (٣/ ٢٨٣)، والطيالسي في "منحة المعبود" (١/ ١٦٥ رقم ٧٨٤).