إلى ظليل ساكن الأوار» ... من بعد ما أيقنت بالدّمار
قال: فدعونا له بكسوة غير كسوته فألبسناه، وأتينا به مجلس أبي حماد؛ وكان أبو حماد يبيع الحنطة والتمر وجميع الحبوب؛ وكان يجاوره قوم يبيعون أنبذة التمر وكان أبو الحسن التّمّار ماهرا؛ فإذا خضنا في النحو وذكرنا الرؤاسي والكسائي وأبا زيد، جعل ينظر، يفقه الكلام ولا يفهم التأويل؛ فقلنا له: ما تقول يا أبا الزهراء؟ فقال:
يا ابن أخي، إن كلامكم هذا لا يسد عوزا مما تتعلمونه له. فقال أبو الحسن: إن بهذا تعرف العرب صوابها من خطئها. فقال له: ثكلت وأثكلت! وهل تخطيء العرب؟ قال: بلى. قال: على أولئك لعنة الله وعلى الذين أعتقوا مثلك! قال سويد:
وكنت أحدثهم سنا (قال) فقلت: جعلت فداك، وأنا رجل من بني شيبان وربيعة؛ ما تعلم أنّا على مثل الذي أنت عليه من الإنكار عليهم؛ فقال فيهم:
يسائلني بيّاع تمر وجردق ... ومازج أبوال له في إنائه «٢»
عن الرّفع بعد الخفض، لا زال خافضا ... ونصب وجزم صيغ من سوء رائه
فقلت له هذا كلام جهلته ... وذو الجهل يروي الجهل عن نظرائه
فقال بهذا يعرف النحو كلّه ... يرى أنني في العجم من نظرائه
فأمّا تميم أو سليم وعامر ... ومن حلّ غمر الضّالّ أو في إزائه
ففيهم وعنهم يؤثر العلم كلّه ... ودع عنك من لا يهتدي لخطائه
فمن ذا الرّؤاسي الذي تذكرونه ... ومن ذا الكسائي سالح في كسائه
ومن ثالث لم أسمع الدهر باسمه ... يسمّونه من لؤمه سيبوائه
فكيف يخلّ القول من كان أهله ... ويهدى له من ليس من أوليائه
فلست لبيّاع التّميرات مغضيا ... على الضّيم إن واقفت بعد عشائه
ولقد قلنا له: يا أبا الزهراء، هل قرأت من كتاب الله شيئا؟ قال: أي وأبيك، آيات مفصلات أردّدهن في الصلوات، آباء وأمهات، وعمات وخالات ثم أنشأ يقول: