فمن أخلص في أيام أمله حضور أجله، نفعه عمله ولم يضره أمله؛ ومن قصر في أيام أمله قبل حضور أجله، فقد خسر عمله وضره أمله؛ ألا فاعملوا لله في الرغبة كما تعملون له في الرهبة، ألا وإني لم أر كالجنة نام طالبها، ولم أر كالنار نام هاربها؛ [ألا وإنه من لا ينفعه الحقّ يضرره الباطل، ومن لم يستقم به الهدى يجرّ به الضلال إلى الردى] ؛ ألا وإنكم قد أمرتم بالظعن، ودللتم على الزاد، وإن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل.
وخطبة له: قالوا ولما أغار سفيان بن عوف الأزدي على الأنبار في خلافة علي رضي الله عنه، وعليها [ابن] حسان البكري، فقتله وأزال تلك الخيل عن مسالحها «١» ، فخرج علي رضي الله عنه حتى جلس على باب السّدّة، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أمّا بعد؛ فإن الجهاد باب من أبواب الجنة، فمن تركه ألبسه الله ثوب الذل وشملة البلاء، وألزمه الصغار، وسامه الخسف، ومنعه النّصف»
؛ ألا وإني دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلا ونهارا، وسرا وإعلانا، وقلت لكم: اغزوهم قبل أن يغزوكم، فوالله ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلّوا. فتواكلتم وتخاذلتم، وثقل عليك قولي فاتخذتموه وراءكم ظهريا؛ حتى شنّت عليكم الغارات؛ وهذا أخو غامد قد بلغت خيله الأنبار، وقتل ابن حسان البكري؛ وأزال خيلكم عن مسالحها؛ وقتل منكم رجالا صالحين، وقد بلغني أنّ الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة، فينزع حجلها وقلبها «٣» ورعاثها «٤» ، ثم انصرفوا وافرين ما كلم رجل منهم؛ فلو أنّ رجلا مسلما مات من بعد هذا أسفا ما كان عندي ملوما، بل كان به عندي جديرا؛ فواعجبا من جدّ هؤلاء في باطلهم وفشلكم عن حقكم؛ فقبحا لكم وترحا حين صرتم غرضا يرمى؛ يغار عليكم ولا تغيرون، وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون؛ فإذا أمرتكم بالمسير إليهم في أيام الحرّ، قلتم: حمارّة