القيظ؛ أملهنا حتى ينسلخ عنا الحرّ! وإذا أمرتكم بالمسير إليهم ضحى في الشتاء، قلتم:
[صبارّة القرّ]«١» أمهلنا حتى ينسلخ عنا هذا القرّ! كل هذا فرارا من الحرّ والقرّ؛ فأنتم والله من السيف أفرّ! يا أشباه الرجال ولا رجال! ويا أحلام «٢» أطفال وعقول ربات الحجال! وددت أنّ الله أخرجني من بين أظهركم، وقبضني إلى رحمته من بينكم، وأني لم أركم ولم أعرفكم! معرفة والله جرّت وهنا! [لقد ملأتم قلبي قيحا] ووريتم والله صدري غيظا، وجرعتموني الموت أنفاسا، وأفسدتم عليّ رأيي بالعصيان والخذلان، حتى قالت قريش: إنّ ابن أبي طالب شجاع ولكن لا علم له بالحرب! لله أبوهم! وهل منهم أحد أشدّ لها مراسا وأطول تجربة مني؟ لقد مارستها وأنا ابن عشرين، فها أنا ذا الآن قد نيّفت على الستين، ولكن لا رأي لمن لا يطاع! وخطبة له رضي الله عنه، قام فيهم فقال:
أيها الناس المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم! كلامكم يوهي الصم الصّلاب وفعلكم يطمع فيكم عدوّكم؛ تقولون في المجالس كيت وكيت؛ فإذا جاء القتال قلتم:
[حيدي]«٣» حياد ما عزت دعوة من دعاكم؛ ولا استراح قلب من قاساكم؛ أعاليل بأباطيل؛ وسألتموني التأخير؛ دفاع ذي الدّين الممطول؛ ألا [لا] يدفع الضيم الذليل، ولا يدرك الحقّ إلا بالجدّ. أيّ دار بعد داركم تمنعون؟ أم مع أي إمام بعدي تقاتلون؟ المغرور والله من غررتموه؛ ومن فاز بكم فاز بالسهم الأخيب! أصبحت والله لا أصدّق قولكم؛ ولا أطمع في نصرتكم؛ فرّق الله بيني وبينكم، وأعقبني بكم من هو خير لي منكم! وددت والله أن لي بكل عشرة منكم رجلا من بني فراس بن غنم، صرف الدينار بالدرهم! وخطب إذا استنفر أهل الكوفة لحرب الجمل، فأقبلوا إليه مع ابنه الحسن رضي الله عنهم، فقام فيهم خطيبا فقال: