أما تراني كيّسا مكيّسا ... بنيت بعد نافع مخيّسا «١»
حصنا حصينا وأميرا كيّسا
وقال الشاعر:
ما يصنع الأحمق المرزوق بالكيس
وكذلك تعلم أن الصلاة رحمة، غير أنهم كرهوا الصلاة إلا على الأنبياء.
كذلك روينا عن ابن عباس.
وسمع سعد بن أبي وقاص ابن أخ له يلبّي ويقول في تلبيته: لبّيك ياذا المعارج.
فقال: نحن نعلم أنه ذو المعارج، ولكن ليس كذا كنا نلبي على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، إنما كنا نقول: لبّيك اللهم لبيك.
وكان أبو إبراهيم المزني يقول في بعض ما خطب به داود بن خلف الأصبهاني:
«فإن قال كذا فقد خرج عن الملة والحمد لله» فنقض ذلك عليه داود، وقال فيما ردّ عليه: نحمد الله على أن يخرج امرأ مسلما من الإسلام؟ وهذا موضع استرجاع، وللحمد مكان يليق به، وإنما يقال في المصيبة: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ
«٢» .
فامتثل هذه المذاهب، واجر على هذه القواعد، وتحفظ في صدور كتبك وفصولها [وافتتاحها] وخواتمها وضع كلّ معنى في موضع يليق به، وتخيّر لكل لفظة معنى يشاكلها، وليكن ما تختم به فصولك في موضع ذكر البلوى بمثل: نسأل الله دفع المحذور، وصرف المكروه؛ وأشباه هذا؛ وفي موضع ذكر المصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون وفي موضع ذكر النعمة: الحمد لله خالصا، والشكر لله واجبا، [وما يشاكل ذلك] ؛ فإن هذه المواضع يجب على الكاتب أن يتفقدها ويتحفظّ فيها؛ فإنّ الكاتب إنما يصير كاتبا بأن يضع كل معنى في موضعه، ويعلّق كل لفظة على طبقتها من المعنى.