وكتب إلى عماله أن يلعنوه على المنابر، ففعلوا. فكتبت أم سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم إلى معاوية:
إنكم تلعنون الله ورسوله على منابركم، وذلك أنكم تلعنون عليّ بن أبي طالب ومن أحبّه، وأنا أشهد أنّ الله أحبّه ورسوله.
فلم يلتفت إلى كلامها.
وقال بعض العلماء لولده: يا بنيّ، إن الدنيا لم تبن شيئا إلا هدمه الدين، وإن الدّين لم يبن شيئا فهدمته الدنيا، ألا ترى أن قوما لعنوا عليا ليخفضوا منه فكأنما أخذوا بناصيته جرّا إلى السماء! ودخل صعصعة بن صوحان على معاوية ومعه عمرو بن العاص جالس على سريره، فقال: وسّع له على ترابيّة فيه! فقال صعصعة: إني والله لترابي، منه خلقت، وإليه أعود، ومنه أبعث؛ وإنك لمارج «١» من مارج من نار! العتبي عن أبيه: قال معاوية يوما لعمرو بن العاص: ما أعجب الأشياء؟ قال: غلبة من لا حقّ له ذا الحق على حقه. قال معاوية: أعجب من ذلك أن يعطى من لا حقّ له ما ليس له بحقّ من غير غلبة! وقال معاوية: أعنت على عليّ بأربعة، كنت أكتم سرّي، وكان رجلا يظهره؛ وكنت في أصلح جند وأطوعه، وكان في أخبث جند وأعصاه؛ وتركته وأصحاب الجمل وقلت: إن ظفروا به كانوا أهون عليّ منه، وإن ظفر بهم اغتر بها في دينه! وكنت أحبّ إلى قريش منه؛ فيالك من جامع إليّ ومفرّق عنه! العتبي قال: أراد معاوية أن يقدم ابنه يزيد على الصائفة «٢» ، فكره ذلك يزيد، فأبى معاوية إلا أن يفعل، فكتب إليه يزيد يقول: