ويد ممثّلة لعينك، وصخرة لا تزعزع، وبهمة لا ينثني «١» ، وبازل لا يفزعه صوت الجلجل «٢» ، نقيّ العرض، نزيه النفس، جليل الخطر، قد اتضعت الدنيا عن قدره، وسما نحو الآخرة بهمّته، فجعل الغرض الأقصى لعينه نصبا، والغرض الأدنى لقدمه موطئا، فليس يغفل عملا، ولا يتعدّى أملا وهو رأس مواليك، وأنصح بني أبيك رجل قد غذّي بلطيف كرامتك، ونبت في ظل دولتك ونشأ على قويم أدبك؛ فإن قلدته أمرهم، وحمّلته ثقلهم، وأسندت إليه ثغرهم: كان قفلا فتحه أمرك، وبابا أغلقه نهيك، فجعل العدل عليه وعليهم أميرا، والإنصاف بينه وبينهم حاكما. وإذا حكم النصفة وسلك المعدلة فأعطاهم مالهم وأخذ منهم ما عليهم، غرس لك في الذي بين صدورهم، وأسكن لك في السّويداء داخل قلوبهم طاعة راسخة العروق، باسقة الفروع، متمثّلة في حواشي عوامّهم، متمكنّة من قلوب خواصهم، فلا يبقى فيهم ريب إلا نفوه، ولا يلزمهم حق إلا أدّوه، وهذا أحد هما.
والآخر عود من غيضتك، ونبعة «٣» من أرومتك، فتيّ السنّ، كهل الحلم، راجح العقل، محمود الصّرامة، مأمون الخلاف، يجرّد فيهم سيفه، ويبسط عليهم خيره بقدر ما يستحقون، وعلى حسب ما يستوجبون، وهو فلان أيها المهدي، فسلّطه- أعزك الله- عليهم، ووجّهه بالجيوش إليهم، ولا تمنعك ضراعة سنّه «٤» وحداثة مولده؛ فإن الحلم والثقة مع الحداثة خير من الشك والجهل مع الكهولة؛ وإنما أحداثكم أهل البيت فيما طبعكم الله عليه واختصّكم به من مكارم الأخلاق، ومحامد الفعال، ومحاسن الأمور، وصواب التدبير، وصرامة الأنفس، كفراخ عتاق الطير «٥» المحكمة لأخذ الصيد بلا تدريب، والعارفة لوجوه النفع بلا تأديب؛ فالحلم والعلم والعزم والحزم