خافه البريء. المرء يعجز لا المحالة. أفضل الأولاد البررة. وخير الأعوان من لم يراء «١» بالنصيحة. أحقّ الجنود بالنصر من حسنت سريرته. يكفيك من الزاد ما بلّغك المحلّ. حسبك من شرّ سماعة. الصمت حكم وقليل فاعله. البلاغة الإيجاز. من شّدد نفر، ومن تراخى تألف.
فتعجب كسرى من أكثم، ثم قال: ويحك يا أكثم! ما أحكمك وأوثق كلامك لولا وضعك كلامك في غير موضعه.
قال أكثم: الصدق ينبيء عنك لا الوعيد.
قال كسرى: لو لم يكن للعرب غيرك لكفى.
قال أكثم: ربّ قول أنفذ من صول.
ثم قام حاجب بن زرارة التميمي، فقال ورى زندك، وعلت يدك، وهيب سلطانك. إن العرب أمة قد غلظت أكبادها، واستحصدت مرّتها «٢» ، ومنعت درّتها «٣» ؛ وهي لك وامقة «٤» ما تألفتها، مسترسلة ما لا ينتها، سامعة ما سامحتها، وهي العلقم مرارة، والصاب غضاضة، والعسل حلاوة، والماء الزلال سلاسة. نحن وفودها إليك، وألسنتها لديك؛ ذمّتنا محفوظة، وأحسابنا ممنوعة، وعشائرنا فينا سامعة مطيعة؛ إن نؤب لك حامدين خيرا فلك بذلك عموم محمدتنا، وإن نذم لم نخص بالذمّ دونها.
قال كسرى: يا حاجب، ما أشبه حجر التلال بألوان صخرها.