قال قيس: أيا الملك، ما كنت في ذلك إلا كواف غدر به، أو كخافر «١» أخفر بذمته.
قال كسرى: ما يكون لضعيف ضمان، ولا لذليل خفارة.
قال قيس: أيها الملك، ما أنا فيما خفر من ذمتي، أحقّ بإلزامي العار منك فيما قتل من رعيتك، وانتهك من حرمتك.
قال كسرى: ذلك، لأن من ائتمن الخانة، واستنجد الأثمة، ناله من الخطأ ما نالني، وليس كلّ الناس سواء؛ كيف رأيت حاجب بن زرارة لم يحكم قواه فيبرم، ويعهد فيوفى، ويعد فينجز؟
قال: وما أحقّه بذلك وما رأيته إلا لي.
قال كسرى: القوم يزل فأفضلها أشدّها.
ثم قام عامر بن الطّفيل العامريّ فقال: كثر فنون المنطق، وليس القول أعمى من حندس «٢» الظّلماء، وإنما الفخر في الفعال، والعزّ في النجدة؛ والسّودد مطاوعة القدرة. وما أعلمك بقدرنا، وأبصرك بفضلنا؛ وبالحري «٣» إن أدالت الأيام، وثابت الأحلام، أن تحدث لنا أمورا لها أعلام.