للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الاستلامُ عندَ الخروجِ منَ المسجدِ كما فعلَه عندَ الدخولِ واتفقُوا أنَّ الاستلامَ سنةٌ، وأنهُ يسعى بعدَ الطوافِ ويبدأُ بالصَّفا (١) ويرقَى إلى أعلاهُ، ويقفُ عليهِ مستقبلَ القبلةِ، ويذكرُ اللَّهَ تعالى بهذا الذكرِ، ويدعُو ثلاثَ مراتٍ. وفي الموطأِ (٢): "حتى إذا انصبَّتْ قدماهُ في بطنِ الوادي سَعَى". وقدْ قدَّمْنا لكَ أن في روايةٍ مسلمٍ سقطًا، فدلَّتْ روايةُ الموطإِ أنهُ يرملُ في بطنِ الوادي، وهوَ الذي يقالُ لهُ بينَ الميلينِ، وهوَ مشروعٌ في كلِّ مرةٍ منَ السبعةِ الأشواطِ لا في الثلاثةِ الأُولِ كما في طوافِ القدومِ بالبيتِ. وأنهُ يرقَى أيضًا على المروةِ كما رَقَى على الصَّفَا، وَيذْكرُ ويدْعُو وبتمام ذلكَ تتمُّ عمرتُه؛ فإنْ حَلَقَ أو قصَّرَ صارَ حلالًا، وهكذا فعلَ الصحابةُ الذينَ أمرَهُمْ - صلى الله عليه وسلم - بفسخِ الحجِّ إلى العمرةِ، وأما مَنْ كانَ قارنًا فإنه لا يحلقُ ولا يقصرُ ويبقَى على إحرامِه. ثمَّ في يومِ الترويةِ وهوَ ثامنُ ذي الحجَّةِ يحرمُ مَنْ أرادَ الحجَّ ممّن حلَّ مِنْ عمرتِه ويطلعُ هوَ ومَنْ كانَ قارِنًا إلى منىً كما قال جابرٌ: "فلمَّا كانَ يومُ التروبةِ توجَّهُوا إلى منَىً" (٣)، أي: توجَّهَ مَنْ كانَ باقيًا علَى إحرامِه لتمامِ حجِّهِ، ومَنْ كانَ قدْ صارَ حلالًا أحرمَ وتوجَّهَ إلى مِنَى، وتوجَّهَ إليها - صلى الله عليه وسلم - راكبًا فنزلَ بها وصلَّى الصلواتِ الخمسِ. وفيهِ أن الركوبَ أفضلُ منَ المشي في تلكَ المواطنِ، وفي الطريقِ أيضًا، وفيهِ خلافٌ. ودليلُ الأفضليةِ فعلُه - صلى الله عليه وسلم -. وأنَّ السنةَ أنْ يصلِّيَ بمنَى الصلواتِ الخمسَ، وأن يبيتَ بها هذهِ الليلةَ وهي ليلةُ التاسعِ منْ ذي الحجَّةِ. وأنَّ السُّنةَ أنْ لا يخرجُوا يومَ عرفةَ منْ مِنَى إلَّا بعدَ طلوعِ الشمسِ. وأنَّ السُّنةَ أنْ لا يدخلُوا عرفاتٍ إلَّا بعدَ زوالِ الشمسِ، وأنْ يصلُّوا صلاة الظهرِ والعصرِ [جمعًا] (٤) بعرفاتٍ؛ فإنهُ - صلى الله عليه وسلم - نزلَ بِنَمِرَةَ وليستْ منْ عرفاتٍ، ولمْ يدخلْ إلى الموقفِ إلَّا بعدَ الصلاتينِ، وأنْ لا يصلِّيَ بينَهما شيئًا، وأنَّ السنةَ أنْ يخطب الإمامُ الناسَ قبلَ صلاةِ العصرينِ، وهذهِ


(١) يشير إلى الحديث الذي أخرجه مسلم (٨٤/ ١٧٨٠) من حديث أبي هريرة. وفيه: " .. فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه، حتى نظر إلى البيث، ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو".
(٢) (١/ ٣٧٤)، والنسائي (٥/ ٢٤٣) بإسناد صحيح من حديث جابر.
(٣) وهو جزء من حديث جابر الطويل (١٤٧/ ١٢١٨).
(٤) في النسخة (ب): "جميعًا".