للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مثل: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (١) مرادٌ بهِ الإنكاحُ بعقدِ الوليِّ، إذْ لوْ فَهِمَ - صلى الله عليه وسلم - أنَّها تُنْكِحُ نفسَها لأمَرَهَا بَعدَ نزولِ الآيةِ بذلكَ ولأبانَ لأخِيهَا أنهُ لا ولايةَ لهُ ولم يبحْ له الحنْث في يمينِه والتكفير. ويدلُّ لاشتراطِ الوليِّ ما أخرجَهُ البخاريُّ (٢) وأبو داود (٣) منْ حديثِ عروةَ عنْ عائشةَ أنَّها أخبرتْهُ أن النكاح في الجاهليةِ [كانَ] (٤) علَى أربعةِ أنحاءٍ منْها نكاحُ الناسِ اليومَ، يخطبُ الرجلُ إلى الرجلِ وَليّتَهُ أو ابنتَهُ فيصدقُها ثمَّ ينكحُها، ثمَّ قالتْ في آخرِه: فلما بُعِثَ محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - بالحقِّ هدمَ نِكَاحَ الجاهليةِ كلَّه إلَّا نكاحَ الناسِ اليومَ، فهذَا دالٌّ [على] (٥) أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قَرَّرَ ذلكَ النكاحَ المعتبرُ فيهِ الوليُّ، وزادَه تأكيدًا بما قدْ سمعتَ منَ الأحاديثِ، ويدلُّ إنكاحُه (٦) - صلى الله عليه وسلم - لأمِّ سلمةَ وقولُها: إنهُ ليسَ أحدٌ منْ أوليائِها حاضرًا ولمْ يقلْ [- صلى الله عليه وسلم -] أَنْكِحِي أنتِ نفسَك معَ أنهُ مقامُ البيانِ، ويدلُّ لهُ قولُه تعالَى: {وَلَا تُنكِحُوا المُشْرِكَاتَ} (٧) فإنهُ خطابٌ للأولياءِ بأنْ لا يُنْكِحُوا المسلماتِ المشركينَ، ولو فُرضَ أنهُ يجوزُ لها إنكاحُ نفسِها لما كانتِ الآيةُ دالة على تحريمِ ذلكَ عليهنَّ لأنَّ القائلَ بأنَّها تُنْكِحُ


(١) سورة البقرة: الآية ٢٣٠.
(٢) في "صحيحه" (٥١٢٧).
(٣) في "سننه" (٢٢٧٢).
(٤) زيادة من (ب).
(٥) زيادة من (أ).
(٦) أخرجه النَّسَائِي (٣٢٥٤)، وأحمد (٦/ ٢٩٥، ٣١٣، ٣١٤، ٣١٧، ٣١٨)، وابن الجارود (٧٠٦)، والحاكم (٤/ ١٦ - ١٧)، والبيهقي (٧/ ١٣١)، من طريق حماد بن سلمة ثنا ثابت عن ابن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أم سلمة. قال الحاكم: صحيح الإسناد فإن ابن عمر بن أبي سلمة الذي لم يسمِّه حماد بن سلمة سمَّاه غيره سعيد بن عمر بن أبي سلمة. ووافقه الذهبي.
قلت: لا، وابن عمر بن أبي سلمة قال الذهبي نفسه: "لا يعرف" وقد اختلف على ثابت فيه، فأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" (٣/ ١١ - ١٢) من طريق حماد بن سلمة وسليمان بن المغيرة قالَا: ثنا ثابت عن عمر بن أبي سلمة عن أم سلمة فسقط ذكر "ابن عمر بن أبي سلمة".
وتابعهما جعفر بن سليمان عن ثابت قال: حدثني عمر بن أبي سلمة، أخرجه أحمد (٦/ ٣١٤)، حدثنا عفان ثنا جعفر وقد رجح أبو حاتم وأبو زرعة - كما في "العلل" (١/ ٤٠٥) - رواية من زاد فيه: "ابن عمر بن أبي سلمة".
والخلاصة: أن الحديث ضعيف. انظر: "إرواء الغليل" (٦/ ٢٢٠ - ٢٢١).
(٧) سورة البقرة: الآية ٢٢١.