للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنِ سعيدِ بن المسيَّبِ أن عمرَ بنَ الخطابِ - رضي الله عنه - قالَ: أيُّما رجلٍ تزوَّجَ امرأةً فدخلَ بها فوجدَها برصاءَ أو مجنونة أو مجذومةً فلها الصَّداق بمسيسِهِ إياها، وهو لهُ على مَنْ غرَّه منها. أخرجه سعيدُ بن منصورٍ ومالكٌ وابن أَبي شيبةَ ورجالهُ ثِقَاتٌ) تقدَّمَ الكلامُ في الفسخِ بالعيبِ. وقولُه: (وهوَ)، أي المهرُ (لهُ) أي للزوجِ (على مَنْ غرَّهُ منْها) أي يرجعُ عليه، وإليهِ ذهبَ الهادي ومالكٌ وأصحابُ الشافعيِّ، وذلك لأنهُ غُرْمٌ لحقَهُ بِسبَبِهِ إلَّا أنَّهمُ اشترطُوا عِلْمَه بالعيبِ فإذا كانَ جاهلًا فلا غُرْمَ عليهِ، وقولُ عمرَ: "على مَنْ غرَّهُ"، دالٌ على ذلكَ، إذ لا غررَ منهُ إلَّا معَ العلمِ. وذهبَ أَبو حنيفةَ والشافعيُّ إلى أنهُ لا رجوعَ، إلَّا أن الشافعيَّ قالَ بِهذَا في الجديدِ.

قالَ ابنُ كثيرٍ في الإرشادِ: وقدْ حَكَى الشافعيُّ في القديمِ عنْ عمرَ وعليٍّ وابنِ عباس في المغرورِ يرجعُ بالمهرِ على منْ غرَّهُ ويعتضدُ بما تقدَّم منْ قولِه - صلى الله عليه وسلم -: "من غَشَّنا فليس منَّا" (١)، ثمَّ قالَ الشافعيُّ في الجديدِ: وإنَّما تركْنا ذلكَ لحديثِ: "أيُّما امرأةٍ نُكِحَتْ بغيرِ إِذْنِ وَليِّها فنكاحُها باطلٌ؛ فإنْ أصابَها فَلَهَا الصَّدَاقُ بما


(١) وهو حديث صحيح. أخرجه الطبراني في "الكبير" رقم (١٠٢٣٤)، وفي "الصغير" (١/ ٢٦١)، وأبو نعيم في "الحلية" (٤/ ١٨٩)، والقضاعي في "مسند الشهاب" رقم (٢٥٣) و (٢٥٤)، وابن حبان رقم (١١٠٧ - موارد) عن عبد اللهِ قال: قال رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "من غشَّنا فليس منا، والمكرُ والخداعُ في النارِ".
• وللجملة الأولى شواهد:
(منها): ما أخرجه أحمد (٢/ ٢٤٢، ٤١٧)، ومسلم رقم (١٠١)، وأبو داود (رقم ٣٤٥٥)، والترمذي رقم (١٣١٥)، وابن ماجه رقم (٢٢٢٤)، والحاكم (٢/ ٨، ٩)، والبيهقي (٥/ ٣٢٠)، من حديث أَبي هريرة.
(ومنها): ما أخرجه أحمد (٢/ ٥٠)، والدارمي (٢/ ٢٤٨)، والقضاعي في "مسند الشهاب"، رقم (٣٥١) من حديث ابن عمر.
(ومنها): ما أخرجه الحاكم في "المستدرك" (٢/ ٩) من حديث الحارث به سويد النخعي.
(ومنها): ما أخرجه أحمد (٣/ ٤٦٦) و (٤/ ٤٥)، والطبراني في "الكبير" (٢٢/ ١٩٨)، من حديث أبي بردة بن نيار.
• وللجملة الثانية شاهد من حديث أنس عند الحاكم (٤/ ٦٠٧)، بسند حسن.
وآخر من حديث أَبي هريرة عند البزار رقم (١٠٣)، وأبي نعيم في "أخبار أصبهان" (١/ ٢٠٩).
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، واللهُ أعلم.