للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأولُ: أنَّ النصابَ الذي تُقْطَعُ بهِ ربعُ دينارٍ منَ الذهبِ وثلاثةُ دراهمَ منَ الفضةِ، وهذَا مذهبُ فقهاءِ الحجازِ والشافعيُّ وغيرِهم (١) مستدلِّينَ بحديثِ عائشةَ المذكورِ (٢)، فإنهُ بيانٌ لإطلاقِ الآيةِ. وقدْ أخرجَهُ الشيخانِ كما سمعتَ وهوَ نصٌّ في رُبعِ الدينارِ، قالُوا: والثلاثةُ الدراهمِ قيمتُها ربعُ دينارٍ، ولما يأتي مِنْ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قطعَ في مجنٍّ قيمتُه ثلاثةُ دراهمَ قالَ الشافعيُّ (٣): إنَّ الثلاثةَ الدراهمِ إذا لم تكنْ قيمتُها ربعَ دينارٍ لم توجب القَطْعَ. واحْتُجَّ لهُ أيضًا بما أخرجَه ابنُ المنذرِ (٤) أنَهُ أُتِيَ عثمانُ بسارقٍ سرقَ أُتْرُجَّةَ قُوِّمَتْ بثلاثةِ دراهمَ منْ حسابِ الدينارِ باثْني عشرَ فقطعَ. وأخرجَ أيضًا (٥) أنَّ عليًا عَلَيْه السَّلام قطعَ في ربعِ دينارٍ كانتْ قيمتُه [درهميْنِ] (٦) ونِصْفًا.

وقالَ الشافعيُّ (٧): ربعُ الدينارِ موافقٌ الثلاثةَ الدراهمِ، وذلكَ أنَّ الصَّرْفَ علَى عهدِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - اثنا عشرَ دِرْهمًا بدينارٍ، وكانَ كذلكَ بعدَهُ، ولِهَذَا قُوِّمَتِ الديةُ اثني عشرَ ألفًا منَ الورِقِ وألفَ دينارٍ منَ الذهبِ.

القولُ الثاني: للهادويةِ وأكثرِ فقهاءِ العراقِ (٨) أنهُ لا يوجبُ القطعَ إلَّا سرقةُ عشَرَةِ دراهمَ، ولا يجبُ في أقلَّ مِنْ ذلكَ. واستدلُّوا لذلكَ بما أخرجَه البيهقيُّ والطحاويُّ منْ طريقِ محمدِ بنِ إسحاقَ منْ حديثِ ابنِ عباسٍ (٩) أنهُ كانَ ثمنُ المِجَنِّ علَى عَهْدِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عشَرةَ دراهمَ.


(١) "بداية المجتهد" (٤/ ٤٠١ - ٤٠٢) بتحقيقنا.
(٢) انظر تخريج الحديث رقم (١/ ١١٤٩) من كتابنا هذا.
(٣) "المجموع" (٢٠/ ٨١).
(٤) "فتح الباري" (١٢/ ١٠٧).
(٥) "فتح الباري" (١٢/ ١٠٧).
(٦) في (أ): "درهمان".
(٧) "المجموع" (٢٠/ ٨١).
(٨) "البحر الزخار" (٥/ ١٧٥)، و"بداية المجتهد" (٤/ ٤٠٢) بتحقيقنا.
(٩) أخرجه أبو داود (٤٣٨٧)، والنسائي (٨/ ٨٣)، والطحاوي في "شرح المعاني" (٣/ ١٦٣)، والدارقطني (٣/ ١٩٢ رقم ٣٢٣)، والحاكم (٤/ ٣٧٨)، والبيهقي (٨/ ٢٥٧). وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
وقلت: فيه عنعنة محمد بن إسحاق، ولكن للحديث شواهد بمعناه. منها: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: "كان ثمن المجن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة دراهم".
أخرجه النسائي (٨/ ٨٤)، وفيه أيضًا عنعنة ابن إسحاق، ولكن له شواهد بمعناه.